سليم. وقد جاء في شواهدِ أمَّاما في طلحة، عن أبيه، عن جده من الجهالات فرفعه الشيخ عمرو بن الصلاح وحَسَّنه [1]. ثم تتبَّعتُ «مسند أحمد» لذلك فتبادر من وضوءِ غيرِ واحد من الصحابة رضي الله تعالى عنه الفصل. والله تعالى أعلم.
ثم اعلم أنَّ الروايات التي وردت فيها غَرفة واحدةً للمضمضة والاستنشاق حَمَلها النووي على الجمع بينهما ستُّ مراتٍ، كل منهما ثلاث مرات. فكأنه أراد إجراء سُنة التثليث فيها أيضًا، وهو أحدُ وجوهِ الجمع عندهم وإِن كان عسيرًا، ومرَّ عليه ابن القيم وقال: بل هي محمولة على وضوئه مرة مرة، فالجمع في غَرفة واحدةٍ إنما هو في وضوئه مرةً مرةً. وفي الغَرْفتين في وضوئه مرتين مرتين، لا أنه مضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا، مع غسل سائر الأعضاء مرة مرة.
قلت: ما اختاره ابن القيم هو الأقربُ عندي [2]. وليعلم أنَّ الترمذي نقلَ مذهب الشافعي كالحنفية، حيث قال: قال الشافعي رحمه الله تعالى: إن جَمَعَهُما في كَفًّ واحدٍ فهو جائز، وإن فَرَّقَهما فهو أحب. اهـ.
قلت: ذلك رواية الزَّعْفَراني عنه، وتلك كانت بالعراق حين استفادته من محمد رحمه الله تعالى، والمعتبرُ عند الشافعية ما اختاره بعده لما رجع إلى مصر.
191 - قوله: (كفة واحدة) قيل: الكُفَّة لم يثبت في اللغة بمعنى الكَفّ. وقيل: إنه فُعْلَة من نَصَر، بمعنى المرة والصواب أنه غَلَطٌ من الراوي.
44 - باب مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً
192 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِى حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ لَهُمْ، فَكَفَأَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثًا بِثَلاَثِ غَرَفَاتٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ، فَغَسَلَ [1] لما سئل عبد الرحمن بن مهدي عن اسم جدِّه قال: عمرو بن كعب أو كعب بن عمرو، وكانت له صحبة، وقال الدوري عن ابن معين: المحدثون يقولون: إن جدَّ طلحة رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيتِهِ يقولون: ليست له صحبة.
وقال الخلال عن أبي داود: سمعت رجلًا من ولد طلحة يقول: إن لجدِّهُ صُحبة. قال الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى: ما نقل عن ابن معين غيرُ قادحٍ، فإِذا اعترف أهلُ الشأنِ بأن له صحبةٌ تمَّ الوجه، أهلُ بيته يعرفون أم لا؛ وقال ابن القطان: علةُ الخبرِ عندي الجهل بحال مُصرِّف بن عمرو والد طلحة، ولكن حَسَّن إسناده ابن الصلاح. كذا في "فتح الملهم" نقلًا عن بعض كتب الشوكاني. [2] قلت: وسرحت طرفي في "شرح مسلم" و"زاد المعاد" إلَّا أني ما وجدتُه فيهما في بادىء النظر، وما أوغلت في طلبِهِ لِقلّة الفرصة إذ ذاك، ولعله سها فيه قلمي في درس البخاري، أو نظري عند المراجعة، إلّا أنه شرح صحيح.