قوله: (قال طاوس) ... إلخ ولعلَّهَ دمُ المعذورُ، أو دم غيرُ سائلٍ، كما قال الحسن على ما عند ابن أبي شيبة بإِسناد صحيح: «أنه كان لا يرى الوضوء من الدم، إلا إذا كان سائلًا».
قوله: (وعَصَر ابن عمر) .. إلخ وليس فيه أنَّه خَرَجَ إلى موضعٍ يلحقه حكم التطهير أم لا؟ مع أنَّه فرَّق بين الخارج والمُخرَج كما في «الهداية».
قوله: (وبزق ابن أبي أَوْفَى دمًا) ... إلخ، وهكذا عندنا إذا لم يكن الدم غالبًا على البُزَاق.
قوله: (وقال ابن عمر رضي الله عنه) قلت: وليس فيه أنَّه في أحكام النجاسة أو الصلاة، لأنَّكَ قد عَلِمتَ أن الأحسنَ عند الشرع هو إزالة النجاسة على الفور دون التَّلطُّخ بِها. فالوضوء من المَذْي، والمضمضةُ من اللبن، وكذلك غَسل المَحَاجم كلها ليس من أحكام الصلاة عندي، بل المقصود منها الإتيان بها على الفور. وقد تحقق عند أن التلطُّخَ بالنجاسات يوجِبُ نقصًا في العبادات في نظر صاحب الشرع، فقال صلى الله عليه وسلّم «أفطر الحاجِمُ والمحجوم» لهذا النقيصة والوضوء من الرُّعَاف والقيء، وترك الصيام للحائضة كلها لهذا المعنى، والله تعالى أعلم. وسنقرره في الصيام.
178 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُنْذِرٍ أَبِى يَعْلَى الثَّوْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قَالَ عَلِىٌّ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ «فِيهِ الْوُضُوءُ». وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ. طرفاه 132، 269 - تحفة 10264 - 56/ 1
178 - قوله: (حدثنا قُتيبة) ... إلخ وفيه الوضوء فهو من أحكام المَذْي عندي، فيستحب له أن يَغْسِلَ ذَكَرَه عقيبه. ولمَّا كان أكثر أحكام الفقه يتعلق بالحلال والحرام، خفي ذكرُ هذه الآداب، واقتَصرَت هذه الأبواب كلها على وقت الصلاة. ولعل الوجه فيه أن المنيَّ لمَّا كان من الشهوة القوية أوجب منه الغُسْل، وهذا من الشهوة الضعيفةِ فأوجبَ فيه الوضوءَ وغَسْل المذاكير فقط.
وما ذكره الطحاوي: أنَّه كان للعلاج، لم يرد به العلاج الطبي، بل دَفُع تذرِيقهِ في الحالة الراهنة، كما في الجديث من الغسل والجلوس في المِرْكن للمستحاضة، فإِنه أيضًا مؤثرٌ في تقليل الدم. وهذا يَدُلك ثانيًا على أن تقليلَ النجاسة وعدم التلطخ بها مطلوبٌ في حدّ ذاته.
179 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنْ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رضى الله عنه - قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ فَلَمْ يُمْنِ قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنهم - فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. طرفه 292 - تحفة 9801، 10098، 3621 ل، 4997 ل، 3477
179 - قوله: (حدثنا سعد) ... إلخ أقول: والإِجماع منعقدٌ على إيجاب الغُسل بمجاوزة