20 - باب الاِسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ
155 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّىُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَكِّىُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ اتَّبَعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَكَانَ لاَ يَلْتَفِتُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالَ «ابْغِنِى أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا - أَوْ نَحْوَهُ - وَلاَ تَأْتِنِى بِعَظْمٍ وَلاَ رَوْثٍ». فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ بِطَرَفِ ثِيَابِى فَوَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ وَأَعْرَضْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا قَضَى أَتْبَعَهُ بِهِنَّ. طرفه 3860 تحفة 13085 - 51/ 1
نَقَّحَ منَاطَه أبو حنيفة رضي الله عنه بكل شيءٍ طاهرٍ تَافهٍ قالعٍ للنجاسة وعمم، مع أنه لا يرد في الحديث إلا الحجارة، وقد علمتَ أنَّ تنقِيحَ المناط يجري في المنصوص أيضًا وعلمتَ أيضًا أن طريقَ تعليمِ صاحبَ النبوة هو التعليم بالعمل، فما أراد أَنْ يُعَلِّمَ أمَّتَه عَمِلَ به وأمرَهم باقتدائه، لا بأن يهيىءَ عبارةً مطردةً منعكسة ثم يُعرضها على الناس، فإنه طريقٌ مُحدَثٌ غير فِطري فاستعمل الحجارةَ على عادتهم ولكونها سهلةُ الوصول، وكان الغرضُ أعم منه، وذهب داودٌ الظاهري أن غيرها لا يُجزىءُ عنه.
155 - قوله: (وكان لا يلتفت) هذا من الآداب. قوله: (استنفض) أراد به إزالة النجاسة.
21 - باب لاَ يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ
156 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْغَائِطَ، فَأَمَرَنِى أَنْ آتِيَهُ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ «هَذَا رِكْسٌ». وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ. تحفة 9170
156 - قوله: (ليس أبو عُبيدة ذَكَرَه) مع أنَّ الترمذيَّ رجَّحَه وخالف فيه شيخَه البخاري، وادَّعى أنَّ حديثَ أبي إسحاق عن أبي عُبيدة عن عبد الله ... إلخ أصحُّ عنده من حديث زهيرٍ هذا، وذَكَرَ له وُجُوهًا في «جامعه». ومال الحافظ رحمه الله تعالى إلى ترجيحِ طريق زهيرٍ كما رجَّحه البخاري، وأجاب عما أورده الترمذِيُّ.
قوله: (وألقىَ الرَّوثة) واعلم أنهمَّ اختلفوا في عدد الأحجار. فقال الشافعية: إن التثليث واجبٌ والإِيتار مستحبٌ، فلو استعمل رجلٌ الحجرين وأنقى يستنجي بثالثٍ وجوبًا عندهم لا عندنا. وعندنا القلعُ واجبٌ والتثليث والإِيتار مستحب كما هو في «البحر شرح الكنز». وينبغي للمشتغل بالحديث أن يويِّدَ ما في «البحر» ليكون مذهبُنا أقربُ إلى الحديث.
ثم الحافظ رحمه الله اعترض على الطحاوي بأنَّ التمسك منه على الاستنجاء بالحجرين لا يصح، لما ثبت فيه من زيادة: «وأْتِني بثالث» قلت: إن كان هذا اعتراضًا على الطحاوي فهو على الترمذيِّ أيضًا، لأنَّه أيضًا بوَّبَ عليه بالاستنجاء بالحجرين، فعُلِم أنَّه لم يقبل تلك الزيادة.