responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فيض الباري على صحيح البخاري نویسنده : الكشميري، محمد أنور شاه    جلد : 1  صفحه : 326
وهو الظاهر، لأن المسح متعدٍ بنفسه ومثل قوله: أوتره وأوتر به، وقرأ الفاتحة وقرأ بالفاتحة. وتعرض إليه الزمخشري تحت قوله تعالى: {وَهُزّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 25] مع كون الهز متعديًا بنفسه. وسنقرر عليه الكلام مفصلًا إن شاء الله تعالى في باب الوتر. وجملة الفرق هاهنا أنه لو قيل: وامسحوا رؤوسكم لكفي إمرارُ اليد بدون الماء أيضًا عن عهدة المسح، لأنه لا تعتبر فيه البِلة لغةً، فإِذا اعتبرت فيه المعهودية الشريعية، وهي إمرار اليد المُبتلة، صار لازمًا واحتاج في تعديته إلى الباء.
وحينئذ معنى قوله: {وَامْسَحُواْ} أي افعلوا فعل المسح، يعني المسح المعهود، فاقتصر على ما كان باليد المبتلة. ولعل العربَ لمَّا لم يكونوا يعتمُّون في عامة أحوالهم، جاء القرآن على عرفهم إذ ذاك وقال: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} ولم يتعرض إلى العِمَامة، ولذا عامةُ رواياتِ وضوئه صلى الله عليه وسلّم خاليةٌ عن ذكر المسح على العِمامة، ومتى كان معتمًا تعرض هناك الراوي، كما عند أبي داود في بيان صفة المسح أنه مسح ولم يَنْقُض العِمامة.
ثم إنه لا إجمالَ في الآية عندي في باب المسح كما قرره علماؤنا. والإقتصار على الربع، إنما هو لأنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلّم دونه، ولو ثبت عنه صلى الله عليه وسلّم دون الربُع لقلنا بفرضيته، وبفعله علمنا أن الفرضَ هو الربع، ولو كان الفرضُ هو الكلَّ لما تنزل إلى الربع، وكذلك لو كان الفرض دون الربع لتنزل عنه بيانًا للجواز، فإِذا اقتصر على الربع ثم لم يتنزل عنه، ثبت أن هذا القدرَ هو الفرضُ. ولا شكَّ أن مذهبنا هو الأحوط في هذا الباب، حتى أن بعض الشافعية أيضًا أَقرُّوا بذلك.
قوله: (قال أبو عبد الله) ... إلخ وظني أن المصنف رحمه الله انتقلَ إلى بيان مسألةٍ أُصولية، وهي أن الزِّيادةَ بخبر الواحد تجوز. ولذا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلّم قَدْر الفرض مع عدم ذكره في القرآن، وقد مر منا تحقيقه في المقدمة فراجعه.
وحاصل المسألة عندنا: أن الزيادةَ بالخبر إنما تمتنعُ في مرتبة الرُّكنية والشرطية، أما في مرتبة الوجوب أو الاستحباب فلا [1]، ولعل نظرَ الشافعية في أمثال هذه المواضع أن الحكم إذا كان قطعيًا بنفسه لا تؤثر فيه ظنية الطريق، فخبر الواحد وإن كان ظنيًا في نفسه إلا أنه طريقٌ لبلوغ الحكم القطعي إلينا فقط، فلا يكونُ مؤثرًا في الحكم. ونَظَر الحنفية أن خبرَالواحد وإنْ كان طريقًا لعلم الحكم، لكنه لازمٌ ولا انفكاك عن هذا الطريق الظني في تحصيل هذا الحكم القطعي. وإذا امتنع انفكاكُ طريق العلم عن الحكم وَجَبَ أن يُؤَثِّر فيه. ولم تصح مراعاة الحكم في نفسه، فظنية الطريق تسري إلى الحكم لا محَالة وتجعله ظنيًا البَّتة.

[1] قلت: ورأيت في "العرف الشذى" في باب مهور النساء: أن الزيادة في مرتبة الركنية والشرطية أيضًا تجوز عند شيخي رضي الله عنه وإن لم يكتبُوه إلَّا في مرتبة الظن دون القطع. وهذا يبني على تحقيقه أن الأركانَ والشرائطَ أيضًا قد تكون ظنية.
نام کتاب : فيض الباري على صحيح البخاري نویسنده : الكشميري، محمد أنور شاه    جلد : 1  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست