العمرة، أنه قبل حجه وعمرته، وقد كان فسخَهُ على فتواه، فسُرَّ به.
(إن وفد عبد القيس) [1] وأنهم أَتُوه مرتين: مرةً في السنة السادسة وأخرى عام فتح مكة. ومسجد عبد القيس بجُواثى، أول مسجدٍ صُليت فيه صلاةُ الجمعةِ بعد المسجد النبوي، فاحفظه فإنه ينفعُك في مسألة الجمعة في القرى، وسيجيء إن شاء الله تعالى تحقيقها.
(غير خزايا ولا ندامى) وفي ندامى مُشاكلة كما في الغَدَايَا والعَشَاي. وإنما قال لهم ذلك لأنهم جاؤا برغبةٍ منهم بدون الحرب. ثم ههنا إشكال وهو أنه وعد بذكر الأربع، فإن عَددْنا الإيمانَ بالله منها، يبقى سواه أربعًا، ويصير المجموعُ خمسًا فيزيدُ العدد. وإن جعلنا المجموعَ تفسيرًا للإيمان وأدرجْنَاه تحته لم يحصل إلا أمر واحد، وعلى كلا التقديرين لا يحصلُ العدد الموعود.
فقال البيضاوي في «شرح المصابيح»: إن الإيمانَ بالله وحده أمرٌ واحد، وإقامِ الصلاة ... إلخ تفسير للإيمان، والثلاثة الباقية تركها الراوي.
قلت: وحاصله هَدْر ما ذكره الراوي والأخذُ بما لم يذكره هو الرجم بالغيب. وقيل: إن العددَ باعتبار أجزاء التفصيل، فالإيمان واحدٌ ثم فصَّلَه في ذلك العدد. وقيل: إنه وَعَدَ بالأربع وزاد عليه بواحد عند الوفاء، فذكرُ إعطاء الخمس تبرع منه، ولا بأس في إعطاء الزيادة على الموعود. قلت: وهذا الجواب بعيد عن ترجمة المصنف رحمه الله تعالى بَوَّبَ عليه بكونه من الإيمان.
ويمكن أن يُجاب عنه أن إعطاءَ الخمسِ وإن كان خارجًا عن الإيمان، لكنه معدودٌ عند المصنف رحمه الله تعالى من الإيمان، لأنه قد علم من صَنِيْعِهِ أن جميع الأشياء المتعلقة بالإيمان إيمانٌ عنده. وقيل: إعطاءُ الخمسِ داخلٌ في إيتاء الزكاة، لأنَّه أيضًا من نوعه وهذا ألطفُ من جعله تبرعًا، سيما على مذهب الشافعية، فإنهم قالوا: في المعدِن الزكاة، وفي الرِّكاز الخمس. وقيل: إن الشهادتين ليستا من الأشياء الموعودة، وإنما ذكرهما تمهيدًا ولكونهما لا بد منهما، والعددُ يبدأُ من قوله: إقام الصلاة.
أقول: ويرد عليه ما عند البخاري أنه ذكر الشهادتين وعقد واحدة. وهذا يدل على أنه عدَّها من الموعود. لا يقال: إن العقد كان للإشارة إلى التوحيد، لأنا نقول: المعهودُ فيها [1] واعلم أن رَبَيْعة، ومُضَر، وأنَمار، وزيدًا كانوا أبناء أب. ومضرُ منهم أحد أجداد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن ههنا صار الوفدُ المذكور من بني أعمامه - صلى الله عليه وسلم -. ثم اعلم أن والد هؤلاء كان من الأغنياء، فلما أشرف على الموت أوصاهم بالإِشارة أن يقتسموا أمواله بينهم، وعيَّن لكل ولد صِنفًا من المال، فكان الخيل في حظ ربيعة، فاشتهرت بربيعة الخيل، وكذا الذهب في حظ مُضَر، فاشتَهْرت بمضر الحمراء، فإِن الذهبَ يُكنى بالأحمر، وقد ذكرهم خواجه أمير خسرو أيضًا في كتابه /هشت بهشت/ غير أنه لم يدرك الحقيقة وقد ذكرناها لك. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.