تعالى عنه أنه يذكر المتن في التحويل لآخر الطريقين، وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: أنه يكون لآخر الطريقين أو للسند العالي.
قلت: ولعل ما ذكره الحافظ رضي الله تعالى عنه فهو عادة للبخاري خاصة، وأما ما ذكره ابن الصلاح فهو عادة عامة المحدثين، فالمتن ههنا لبشر بن محمد.
قلت: وهو كذلك إلا أنه قد يوجد خلافه أيضًا، فإنه أخرجه في مقام آخر من لفظ عبدان أيضًا.
(أجودُ ما يكون) والجُودُ أبلغُ من السَّخَاء، ولذا يقال: إن الله سبحانه جَوَادٌ ولا يقال سَخِيٌ. واخْتُلِفَ في إعرابه، وأجاز ابن مالك الرفعَ والنصبَ.
قلت: وهما صحيحان إلا أن رواية الكتاب بالرفع، وما قيل: إن النصب لا يجوز لأن ما مصدرية، فلا يصح الحمل، فليس بشيء، فإنّ حرف المصدر لا يُخْرج الفعل عن حقيقته بحيث لا يبقى بينه وبين المصدر الصِّرْف فرق، ولهذا ذهب السيد الجُرجاني رضي الله تعالى عنه في بعض حواشيه إلى أنَّ المصدر المُنْسَبِك لا يتجرَّد عن معنى الفعلية بالكلية. وفَرَّق ابن القَيِّم رضي الله تعالى عنه في «بدائع الفوائد» بين قولهم: أعجبني قيامُك، وبين قولهم: أعجبني أن تقوم: بأن الأول يَصْلُح فيما حَصَل التعجبُ من نفس القيام، أو من بعض أحواله، بخلاف الثاني، فإنه يختص بما حصل التعجب من نفس القيام. وأيضًا لا دلالة للأول على الزمان أصلًا بخلاف الثاني، فافترقا.
ومُحَصَّل الوجه المختار عندي: أن (أجود) اسم كان، و (في رمضان) حال، وحاصلًا خبرُه مقدَّر، والضمير في (يكون) للنبي صلى الله عليه وسلّم وليس في أجود ضمير. وهذا جائز في المشتق كما قيل في سيد الأنبياء لا ضمير فيه، وكان أجود ما يكون النبي صلى الله عليه وسلّم حال كونه في رمضان حاصلًا، يعني كان جوده الكثير في رمضان. وحينئذٍ لم يُحْكم فيه بكونه أجودَهم، ولكن المقصود منه أن جوده الكثير كان في رمضان، بخلاف صورة النصب، فهو كقولهم ضربي زيدًا قائمًا. (جبرائيل) إيل أي: الله، ومِيْكَا، وجِبْرَ، قريبٌ من معنى العبد، وحاصله عبد الله، وعَكَسَهُ بعضُهم أن إيل بمعنى العبد، ومِيْكَا وغيره بمعنى الله، وحينئذٍ شَاكِلَتُه كشاكله عبد الله وعبد الرحمن، حيث يبقى لفظ العبد ويتغير لفظ الله والرحمن.
قلت: وهو القياس إلا أن علماءهم مصرِّحون بخلافه. (فيدارسه القرآن) ودَارَسَهُ في سنةِ رِحلته مرتين. أقول: ما كتب عمر رضي الله تعالى عنه في التراويح إلى البلاد لعله مأخوذ من مثل هذه الأمور.