قال يحيى: وسئل مالك عن مؤذن أذن لقوم ثم انتظر هل يأتيه أحد فلم يأته أحد فأقام الصلاة، وصلى وحده، ثم جاء الناس بعد أن فرغ أيعيد الصلاة معهم؟ قال: "لا يعيد الصلاة، ومن جاء بعد انصرافه فليصل لنفسه وحده".
وسئل مالك -رحمه الله- عن مؤذن أذن لقوم ثم تنفل فأرادوا أن يصلوا بإقامة غيره؟ فقال: "لا بأس بذلك إقامته وإقامة غيره سواء".
قال مالك -رحمه الله-: "لم تزل الصبح ينادى لها قبل الفجر فأما غيرها من الصلوات فإنا لم نرها ينادى لها إلا بعد أن يحل وقتها".
وعن مالك أنه بلغه أن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائماً، فقال: "الصلاة خير من النوم"، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح.
وعن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال: "ما أعرف شيئاً مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة".
وعن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي إلى المسجد.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتاب الصلاة:
الكتاب مضى الكلام عليه، والصلاة: أصلها الدعاء {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [(103) سورة التوبة] أي أدعو لهم، وهي في الاصطلاح: عبارة عن أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم، ومثل الصلاة لا يعنى المتقدمون بتعريفها كالطهارة والزكاة وغيرها، ولذا لا تجدون في كتب المتقدمين تعاريف للأمور الظاهرة، وإنما يعنى المتأخرون؛ لأنه يتوقع في المتأخرين من آحاد المتعلمين من لا يعرف الحد الذي هو التعريف لهذه الأمور الواضحة، وهم يذكرون هذه الحدود؛ لأنهم سوف يبنون الأحكام على هذه الحدود، إذ الأحكام فرع عن التصورات، فيتصورون المحدود، ويذكرون الحد الجامع المانع، ثم يذكرون ما يتعلق به من حكم.