نام کتاب : أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء نویسنده : ماهر الفحل جلد : 1 صفحه : 127
المبحث الأول
رِوَايَة الْحَدِيْث بالمعنى
خلق الله الجنس البشري متفاوتاً في قدراته، وما وهبه لَهُ بمنّه وفضله، وَقَدْ أثّر هَذَا التفاوت عَلَى قدرات الناس في الحفظ، فإنّك تجد الحَافِظ الَّذِي لا يكاد يخطئ إلا قليلاً، وتجد الرَّاوِي الكثير الخطأ، ومن ثَمَّ تجد بَيْنَ الرُّوَاة مَنْ يؤدي لفظ الْحَدِيْث كَمَا سمعه، ومنهم مَنْ يحفظ المضمون ولا يتقيد باللفظ، وَهُوَ ما نسميه "الرِّوَايَة بالمعنى" وفي جواز أداء الْحَدِيْث بِهَا خلافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاء عَلَى اثني عشر قولاً ([1]):
الأول: التفرقة بَيْنَ الألفاظ الَّتِي لا مجال فِيْهَا للتأويل وبَيْنَ الألفاظ الَّتِي تحتمل التأويل، فجوزت الرِّوَايَة بالمعنى في الأول دُوْنَ الثاني. حكاه أبو الْحُسَيْن بن القطان [2] عن بَعْض الشافعية، وَعَلَيْهِ جرى الكِيَا الطبري [3] مِنْهُمْ [4].
الثاني: جواز الرِّوَايَة بالمعنى في الأحاديث الَّتِي تشتمل عَلَى الأوامر والنواهي، وأما إذا كَانَ اللفظ خفي المعنى محتملاً لعدة معانٍ فَلاَ تجوز. ويستوي في هَذَا الحكم الصَّحَابِيّ وغيره [5].
الثَّالث: المنع مطلقاً من الرِّوَايَة بالمعنى، وتعين أداء لفظ الْحَدِيْث. وبه قَالَ عَبْد الله بن عمر [6]، وابن سيرين [7]، وأبو بكر الرازي [8] الجصّاص [9]، وأبو إسحاق (10) [1] انظرها في: الحاوي الكبير 20/ 154، والبحر المحيط 4/ 356 - 358، وتوجيه النظر 2/ 686. [2] هُوَ أبو الْحُسَيْن أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد بن القطان البغدادي، لَهُ مصنفات في أصول الفقه، توفي سنة (359 هـ). وفيات الأعيان 1/ 70، وسير أعلام النبلاء 16/ 159، وشذرات الذهب 3/ 28. [3] هُوَ أَبُو الحسن عَلِيّ بن مُحَمَّد بن عَلِيّ الفقيه الشَّافِعِيّ المعروف بالكيا الطبري - بكسر الكاف وفتح المثناة من تَحْتَ مَعَ التخفيف -، توفي سنة (504 هـ).
طبقات الشافعية، للإسنوي 2/ 288، ومرآة الجنان 3/ 133. [4] البحر المحيط 4/ 358. [5] الحاوي الكبير 20/ 154. [6] قواطع الأدلة 1/ 328. وانظر: الكفاية: (171 هـ، 265 ت)، وفواتح الرحموت 2/ 167. [7] المحدّث الفاصل: 534 - 535 رقم (691)، والكفاية: (311 ت، 206 هـ). [8] هُوَ أبو بكر أحمد بن عَلِيّ الرازي الجصاص الحنفي الأصولي، صاحب التصانيف، مِنْهَا: " الفصول في الأصول " و " شرح الجامع الكبير "، ولد سنة (305 هـ)، وتوفي سنة (370 هـ).
المنتظم 7/ 105 - 106، والعبر 2/ 360، وسير أعلام النبلاء 16/ 340 و 341. [9] إلا أنَّهُ استثنى من هُوَ في درجة الحسن البصري والشعبي. الفصول في علم الأصول 3/ 211.
(10) هُوَ الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن مُحَمَّد بن إبراهيم بن مهران الإسفراييني الأصولي الشَّافِعِيّ الملقب بـ (ركن الدين) صاحب التصانيف، مِنْهَا: "جامع الخلي في أصول الدين والرد عَلَى
=
نام کتاب : أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء نویسنده : ماهر الفحل جلد : 1 صفحه : 127