والجواب: أنه لا يلزم من كراهة الفرد كراهة المجموع، وإلاَّ لما خَرَّجَ لثقاتهم وعلمائهم الشيخان وغيرُهما، وهل يؤخذ الجميع بجريرة الفرد؟ على أَنَّ نَجْدَةَ ليس من رجال الرواية عند المُحَدِّثِينَ، فقد ضَعَّفَهُ الذهبي في " ميزان الاعتدال " وقال عنه: ذكر في " الضعفاء " للجوزجاني، على أنَّ الحال وصل إليه في قومه أنْ يختلفوا عليه وينبزوه بالكفر كما تراه في كتاب " الفرق " للإمام أبي منصور البغدادي، و" الملل والنحل " للشهرستاني وغيرهما، فلا نعمة عين - كما قال ابن عباس - ولو كان يُكْرَهُ كل خارجي لبدعته لما أخرج لأثباتهم أئمةُ السُنَّةِ في الصحاح والمسانيد، ويكفي أن الإمام مالكًا - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عُدَّ مِمَّنْ يرى رأيهم، كما رواه الإمام المبرد في " كامله " [1]. ومن عزا لك ما يأثره، وأراك مصدره، فقد أوقفك من المسالك على الصراط المستقيم.
ومن الغريب أن يستدل بعضهم على معاداة المُبَدَّعِينَ بأمر النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهجر الثلاثة الذين خُلِّفُوا، ورفض تكليمهم حَتَّى تِيبَ عَلَيْهِمْ، مع أنه لا تناسب بين دليله والدعوى بوجه ما، لأن [1] جـ 2.