2 - فتح بلاد كسرى وهرقل واليمن
ومن ذلك ما أخبر به عليه الصلاة والسلام في غزوة الأحزاب في شوّال من السنة 5هـ أثناء كسره صخرة بيضاء صلدة، وهو يحفر مع المسلمين الخندق: "لقد أضاء الله لي قصور الحيرة ومدائن كسرى، فأخبرني جبريل أنّ أمّتي ظاهرة عليها. . وأضاء لي القصور الحمر من أرض الروم، فأخبرني جبريل أنّ أمّتي ظاهرة عليها. . وأضاء لي قصور صنعاء وأخبرني جبريل أنّ أمّتي ظاهرة عليها" [1] .
لقد أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم بهذه الفتوح والمسلمون في حال من العسر والضيق والخوف، حيث تداعت عليهم الأحزاب المشركة من أقطار الجزيرة، وخذلهم المنافقون وتآمر عليهم اليهود فخانوا عهدهم ونقضوا مواثيقهم، وقد صوّر القرآن الكريم هذا الضيق وهذا الابتلاء خير تصوير فقال: {إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب:10-12] ، وتحقّق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ففتحت بلاد كسرى وبلاد هرقل واليمن، لتكون هذه الفتوح المباركة شاهد صدق على أنه لا ينطق عن الهوى وأنّ سنّته وحي يوحى. [1] المصدر السابق 2/279.