ج - وقد يسأل عن قضايا غيبيّة ممّا استأثر الله بعلمها كالروح والساعة، فلا يجيب حتى ينزل عليه الوحي بالجواب:
- من ذلك ما رواه البخاريّ في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود: "أنّ يهوديّا سأل الرسول فقال: يا أبا القاسم ما الروح؟ فسكت. فقلت: إنّه يوحى إليه. . . فلمّا انجلى عنه، فقال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:85] [1] .
- وسأله جبريل عليه السلام عن الساعة؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل"، أي أنّه أخبره أن ليس عنده من ذلك علم [2] . كما سأله رجل عن الساعة فأجابه بمثل جوابه جبريل عليه السلام [3] .
د- وسئل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الحمر؟ فقال "لم ينزل عليّ فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذّة: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة:7-8] " [4] .
ويشرح ابن التين الصفاقسيّ [ت611هـ] المراد من الاستشهاد في هذا [1] العلم - باب قول الله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} - فتح الباري 1/240 حديث 125. [2] الموافقات في أصول الشريعة لأبي إسحاق الشاطبيّ 1/44 - (ط3 - 1417هـ/1997م - دار المعرفة - بيروت) . [3] صحيح البخاريّ - الإيمان - باب سؤال جبريل النبي - فتح الباري 1/140 حديث 50. [4] صحيح البخاريّ - التفسير - باب من يعمل مثقال ذرّة - فتح الباري 8/598 حديث 4963 - الجهاد - باب الخيل لثلاثة - فتح الباري 6/75 حديث 2860. والآية جامعة لشمولها جميع الأنواع من طاعة ومعصية. وفاذة لانفرادها في معناها.