القسم الرابع: ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم اجتهاداً
وقد ألحق أكثر العلماء اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أقره الله سبحانه وتعالى عليه بالسنة التشريعية لذلك أدرجناه هنا.
ومسألة اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم من المسائل التي اختلف فيها العلماء ولكن الرأي الراجح هو ما ذهب إليه الجمهور من أن العقل يُجَوِّز اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم وواقع مطلقاً.
فيقول صاحب تيسير التحرير: ((وأكثر أهل العلم على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مأموراً بالاجتهاد مطلقاً في الأحكام الشرعية، والحروب، والأمور الدينية، من غير تقييد بشيء منها. أو من غير تقييد بانتظار الوحي، وهو مذهب عامة الأصوليين ومالك والشافعي وأحمد وعامة أهل الحديث)) [1] .
ولاشك في أن نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمنع من كونه أقوى الناس قريحة، وأشدهم حذقاً، وأثقبهم بصيرة، وأصوبهم رأياً، وأحدهم ذكاء، وأكثرهم فهماً لمقاصد التشريع ولمصالح المؤمنين. كيف وهو أتقى الناس وأورعهم وأشدهم خشية لله؟ كما أنه صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وقد وصفه الله عز وجل بأنه: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128] . وكل هذه الأمور أدوات يستعين بها المجتهد في [1] تيسير التحرير لمحمد أمين (جـ 4/ 185) دار الكتب العلمية – بيروت.