وكانت النساء يسألن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيُجيبُهُنَّ عن أمور دِينِهِنَّ ولم يكن ذلك صدفة أو نَادِرًا، بل خَصَّصَ لَهُنَّ أوقاتًا خاصة يجلسن فيها إليه، وَيَتَلقَّيْنَ عنه تعاليم الإسلام، وَيُفْتِيهِنَّ، قالت عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ» [2].
وها هي ذي أُمُّ سُلَيْمٍ - وهي بنت ملحان والدة أنس بن مالك - تأتي رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأم سلمة حاضرة - فتقول: " إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ " فقال النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ»، فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ - تَعْنِي وَجْهَهَا - وَقَالَتْ: يَا رَسولَ اللهِ، أَوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟» [3].
وبهذه الروح الطيبة، والنفس السامية، والصدر الرحب، والمنهج التربوي الصحيح كان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُ أصحابه والمسلمين عامة أحكام الإسلام وتعاليمه وآدابه، ولم يكن بين الرسول الكريم والمسلمين حاجب
(1) " مسند الإمام أحمد ": ص 85 حديث 7351 جـ 13 و " فتح الباري ": ص 206 جـ 1، تحتسبهنَّ: أي تحتسب أجرها على الله في الصبر على المصيبة.
(2) " فتح الباري ": ص 239 جـ 1.
(3) " فتح الباري ": ص 239 جـ 1 عن هشام بن عروة عن زينب، ابنة سلمة عن أم سلمة قالت: جاءت أم سليم (أو نحتلم) من غير همزة في الأصل وفي رواية الكشميهني (أو تحتلم).
نام کتاب : السنة قبل التدوين نویسنده : الخطيب، محمد عجاج جلد : 1 صفحه : 54