responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السنة قبل التدوين نویسنده : الخطيب، محمد عجاج    جلد : 1  صفحه : 426
وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ لَقُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ» [1].

فكان أبو هريرة حريصًا على أن يُحَدِّثَ الناس بما تدركه عقولهم، وحريصًا على ألا يحدثهم إلا بما ينتفعون به، لذلك أَبَى أن يحدثهم بكل ما يعلم.

(1) " طبقات ابن سعد ": ص 57 قسم 2 جـ 4 وص: 118 قسم 2 جـ 2، وانظر " فتح الباري ": ص 227 جـ 1، و" حلية الأولياء ": ص 381 جـ 1، و" البداية والنهاية ": ص 105 جـ 8، و" تذكرة الحفاظ ": ص 34 جـ 1. لقد بث أبو هريرة بين الناس وعاء مما سمع من رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يبث الوعاء الآخر، خَوْفًا من أن يكذبه الناس فقد قال في رواية: «لَوْ أَنْبَأْتُكُمْ بِكُلِّ مَا أَعْلَمُ لَرَمَانِي النَّاسُ بِالخَرْقِ، وَقَالُوا أَبُو هُرَيْرَةَ مَجْنُونٌ». وفي رواية: «لَرَمَيْتُمُونِي بِالبَعْرِ». قَالَ الحَسَنُ - رَوِاي الخَبَرِ -: «صَدَقَ وَاللَّهِ .. لَوْ أَخْبَرَنَا أَنَّ بَيْتَ اللَّهِ يُهْدَمُ وَيُحْرَقُ مَا صَدَّقَهُ النَّاسُ». " طبقات ابن سعد ": ص 57 قسم 2 جـ 4 وص: 119 قسم 2 جـ 2.
لقد خاف أن يُكَذِبَهُ الناس، وخاف أن يقضى على حياته ولا بد للمرء أن يتساءل: ما هو ذلك الوعاء المملوء عِلْمًا الذي لم يبثه أبو هريرة؟ وهل خصه رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دون الأُمَّةِ بذلك.
نفهم من حديث أبي هريرة أن الرسول حَمَّلَهُ نوعين من العلم، كل نوع لو كتبه إنسان لكان جرابًا كبيرًا، أحدهما بثه، والثاني لم يبثه، أما يكون رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد اختص أبا هريرة بشيء من الأحكام فغير معقول، لأنه ينافي تبليغ الرسالة، وهل ما اختصه به من الآداب؟ إن هذا بعيد جِدًّا لأن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما جاء ليتمم مكارم الأخلاق، ومنعه ذلك عن الأُمَّةِ يُنَافِي تبليغ الرسالة، فليس من المتصور أن يلقن الرسول الكريم بعض ما يتعلق بالأخلاق والآداب أبا هريرة، ويترك الأُمَّةَ من غير أن يفيدها بشيء من هذا!!.
من هنا يتأكد أن الوعاء الثاني لم يكن فيه ما يتعلق بالأحكام ولا بالآداب والأخلاق، وَيُرَجَّحُ أن يكون بعض ما يتعلق بأشراط الساعة أو بعض ما يقع للأمة من فتن، ومن يَلُونَهَا من أمراء السوء، وَيُقَوِّي هذا عندي أن أبا هريرة كان يكني عن بعض ذلك، ولا يصرح به خَوْفًا على نفسه ممن يسيئه ما يقوله، كقوله: «أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ رَأْسِ السِّتِّينَ وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ»، وقوله: «وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ»، انظر " فتح الباري ": ص 227 جـ 1، و" سير أعلام النبلاء ": ص 430 جـ 1، وليس هذا الحديث ذريعة لمن يجعل للدين ظاهرًا وباطنًا حتى ينتهي به إلى التحلل من الدين، فأبو هريرة كان يحب أن يحدث الناس بما يعرفون حتى لا يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ إذا أخبرهم بما لا تتصوره عقولهم، وقد ذكر ابن تيمية بعض تنبؤات الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التي أخبر عنها ووقعت فيما بعد في كتابه " الرد على المنطقيين ": ص 445.
نام کتاب : السنة قبل التدوين نویسنده : الخطيب، محمد عجاج    جلد : 1  صفحه : 426
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست