نام کتاب : السنة قبل التدوين نویسنده : الخطيب، محمد عجاج جلد : 1 صفحه : 150
الحديث إقبالاً لا مثيل له، بدافع ذاتي، وميل نفسي، حتى إن بعض طلاب العلم المتفانين في حُبِّ الحديث كانوا يؤدون بعض الخدمات من أجل سماع حديث أو حديثين [1].
وقد كانت المنافسة العلمية المحببة قائمة بين طلاب الحديث في ذلك العصر، فالذكي من تمكن من حفظ أحاديث في باب كذا وباب كذا، وَالمُجِدُّ من أسرع إلى صحابي وأخذ عنه قبل وفاته، وَالمُفْلِحُ من حظي بحب شيخه، وتمكن من الانفراد به، والكتابة عنه، والقراءة عليه ثم العرض والتصحيح بين يديه ..
لكل هذا رأينا أصحاب الحديث يَجِدُّونَ في طلب العلم الشريف، ويتبارون في تحصيله [2]، وكثر طلاب العلم كثرة تثلج لها الصدور، وتشرق بها النفوس حتى إن أحد الصحابة كان يحدث الناس، فيكثرون عليه، فيصعد فوق بيت ويحدثهم [3]. قال أنس بن سيرين: «قَدِمْتُ الكُوفَةَ قَبْلَ الجَمَاجِمِ، فَرَأَيْتُ [فِيهَا] أَرْبَعَةَ آلاَفٍ يَطْلُبُونَ [1] رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: «كَانَ أَبِي صَيْرَفِيًّا بِالكُوفَةِ، فَرَكِبَهُ الدَّيْنُ، فَحَمَلَنَا إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَى المَسْجِدِ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ، وَصِرْتُ إِلَى بَابِ المَسْجِدِ، إِذَا شَيْخٌ عَلَى حِمَارٍ، فَقَالَ لِي: يَا غُلاَمُ أَمْسِكْ عَلَيَّ هَذَا الحِمَارَ حَتَّى أَدْخُلَ المَسْجِدَ فَأَرْكَعَ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ أَوْ تُحَدِّثُنِي، قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ أَنْتَ بِالحَدِيثِ؟، وَاسْتَصْغَرَنِي، فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي، فَقَالَ: " حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ "، فَحَدَّثَنِي بِثَمَانِيَةِ أَحَادِيثٍ، فَأَمْسَكْتُ حِمَارَهُ، وَجَعَلْتُ أَتَحَفَّظُ مَا حَدَّثَنِي بِهِ، فَلَمَّا صَلَّى وَخَرَجَ، قَالَ: مَا نَفَعَكَ مَا حَدَّثْتُكَ، حَبَسْتَنِي فَقُلْتُ: حَدَّثْتَنِي بِكَذَا، وَحَدَّثْتَنِي بِكَذَا، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، تَعَالَ غَدًا إِلَى المَجْلِسِ، فَإِذَا هُوَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ» (48 - 126 هـ)، انظر "المحدث الفاصل " مخطوطة دمشق ص 16: ب - 17: آجـ 1. [2] انظر " المحدث الفاصل " ص 143: ب، فيها أخبار عن ذلك. [3] انظر كتاب "العلم " لزهير بن حرب: ص 192.
نام کتاب : السنة قبل التدوين نویسنده : الخطيب، محمد عجاج جلد : 1 صفحه : 150