كما ساق حَدِيثًا آخَرَ، وراه " مسلم " أَيْضًا، أَنَّ رَجُلَيْنِ دَخَلاَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ، فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا، وَسَبَّهُمَا، فَسَأَلَتْهُ عَائِشَةُ، فَقَالَ لَهَا: «أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟، قُلْتُ: اللهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا» [66]. فالمخالف يرى أن هذين الحديثين لا تشريع فيهما، ولكن الراسخين في العلم من الصفوة الأوائل استنبطوا من هذين الحديثين ومن غضبه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتصرفه هذا بمقتضى غضبه أَحْكَامًا شرعية جليلة، منها أن الغضب جائز على الأنبياء كما هو جائز على غيرهم من البشر، وأن الغاضب قد يقول ما لا يقصد، وبخاصة إذا كان رحيمًا بالمغضوب عليه كالأم تدعو على ابنها ساعة الغضب، وهي لا تحب له شَرًّا وهي لا تقصد أن تصيبه ما تدعو به عليه، ولذلك قالوا عنها: يدعو لسانها وقلبها يقول: لا. ورسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرحم بالأُُمَّةِ من الأم على ولدها، مصداقًا لقوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ [16] الموافقات ": 4/ 58 [14] الموافقات ": 4/ 58 [66] انظر ص 94 وما بعدها من المصدر السابق.
(*) [قارن بصفحة 55 من هذا الكتاب].
(**) البرهان " لإمام الحرمين: 1/ 487 وما بعدها [قارن بصفحة 57 من هذا الكتاب].
نام کتاب : السنة كلها تشريع نویسنده : موسى شاهين لاشين جلد : 1 صفحه : 70