نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 486
وإنما هو نقد شكلي ناشىء عن شدة حَذَرِ العلماء ويقظتهم كاعتراضهم على حديث بأنه مرسل مع أن صورته صورة المرسل، أما في الواقع فهو موصول معروف الوصل عند المُحَدِّثِينَ. ومثل حديث يرويه بعض الرُوَاةِ مُرْسَلاً وهو من رواية أقرانه متصل، ولكن البخاري يذكر الروايتين معاً لدفع مَا تُوهِمُ الرواية الأولى وإشعاراً بأن هذه العلة غير قادحة.
هذه أمثلة من النقد الذي وجه إلى أحاديث "الصحيح "، وقد بسط القول فيها ابن حجر في " مقدمته ".
أما رجال الصحيح، فقد ضَعَّفَ الحُفَّاظُ منهم نحو الثمانين، ولكن أكثرهم من شيوخه الذين لقيهم وجالسهم وعرف أحوالهم واطلع على أحاديثهم فهو - بهم وبأحوالهم - أعرف ولهم أخبر، ومما يدلك على أن هذا النقد - سواء كان للرجال أو للأحاديث - لم يؤثر في قيمته العلمية إجماع العلماء على تلقيه بالقبول، واتفاق جمهورهم أنه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، وقد اختلفوا فيما بينهم هل يفيد القطع بصحة ما فيه من الحديث؟ فجزم ابن الصلاح بحصول القطع، وخالفه النووي فقال: «إِنَّهُ لاَ يُفِيدُ إِلاَّ الظَّنَّ، وَلَوْ بَلَغَ أَعْلَىَ دَرَجَةٍ فِي الْصِحَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ»، توفي البخاري - رَحِمَهُ اللهُ - سَنَةَ 256 هـ [1].
هذا ولم يعن علماء الإسلام بكتاب - بعد القرآن - كما عنوا بـ " صحيح البخاري " حتى بلغ الذين كتبوا حوله ما بين شرح واختصار وترجمة رجال، عدداً كبيراً جِدًّا (*)، وحسبك أن تعلم أن عدد شروحه فحسب بلغت اثنين وثمانين شرحاً كما ذكر ذلك صاحب " كشف الظنون "، ومن أشهر هذه الشروح الأربعة: شرح الإمام بدر الدين الزركشي (- 794 هـ) واسمه " التنقيح "، وشيخ الإسلام ابن حجر (- 852 هـ) في " فتح الباري "، وهو أجل هذه الشروح وأوفاها وأكثرها شهرة وفائدة. والعلامة العيني الحنفي (- 855 هـ) في " عمدة القاري "، والجلال السيوطي (- 911 هـ) في " التوشيح " [1] مقتبسة من " مقدمة فتح الباري " وغيرها.
-----------------------
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) [انظر: " إتحاف القارئ بمعرفة جهود وأعمال العُلماء على صحيح البخاري "، تأليف عصام عرار الحسيني، الطبعة الأولى: 1407 هـ - 1987 م، اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع - دمشق].
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 486