هذا مثل مِمَّا أورده ابن أبي شيبة على أبي حنيفة من تركه العمل بالأحاديث في مائة وخمس وعشرين مسألة، ومن الجواب تعلم أن الإمام لم يترك العمل بها تقديماً للرأي عليها، وإنما فعل ذلك عن اجتهاد منه، ومثله يعذر، كما يعذر كل إمام فيما يؤدي إليه رأيه من اجتهاد.
كما ينبغي أن نعلم أن ما ذكره ابن أبي شيبة من المسائل التي خالف فيها أبو حنيفة الحديث لم ينفرد وحده بما أدى إليه اجتهاده، بل أكثرها قد وافقه فيها إمام أو أكثر من أئمة الجمهور.
حَلَقَةُ أَبِي حَنِيفَةَ العِلْمِيَّةَ:
ومن علم طريقة أبي حنيفة مع تلاميذه في الاجتهاد، وما كانت تضمه حلقته من فحول العلماء أيقن أن مثله لا يصح أن يوجه إليه تلك المطاعن.
أخرج ابن أبي العوام، قال: حدثني الطحاوي قال: «كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ أَبِي ثَوْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نُوحٌ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ لِي المُغِيرَةُ بْنِ حَمْزَةَ: كَانَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ الَذِينَ دَوَّنُوا مَعَهُ الكُتُبَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً كُبَرَاءَ الكُبَرَاءِ». اهـ.
وبسنده إلى أسد بن الفرات أنه كان في العشرة المُتَقَدِّمِينَ من
(1) " النكت الطريفة ": ص 21 - 22.
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 464