نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 441
أكثر مِمَّا أثر عن أي إمام آخر. وقد عَبَّرَ بعض الناقمين على أبي حنيفة عن سخطه لكثرة تفريعه بقوله: «هُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا لَمْ يَكُنْ وَأَجْهَلُهُمْ بِمَا قَدْ كَانَ» [1] (*)
22 - كان أبو حنيفة يَتَشَدَّدُ في قبول الأخبار، ويشترط لذلك شروطاً صعبة، نظراً لانتشار الوضع في الحديث، وكان العراق في عصره مصدر الحركات الفكرية والثورية في العالم الإسلامي، ومن ثم كان مصدراً خصباً للوضع، ومرتعاً سهلاً للوَضَّاعِينَ، مِمَّا دعا أبا حنيفة إلى التثبت والاحتياط، فلم يقبل إلا الأحاديث المشهورة الفاشية في أيدي الثقات، وهو في ذلك يذهب إلى أوسع مِمَّا ذهب المُحَدِّثُونَ في الاحتياط وَالتَشَدُّدِ، مِمَّا دعاه إلى تضعيف أحاديث هي عندهم صحيحة مقبولة.
3 - وكان من جهة أخرى يذهب إلى الاحتجاج بالمرسل إذا كان الذي أرسله ثقة، خلافاً لما ذهب إليه جمهور المُحَدِّثِينَ، مِمَّا جعله يستدل بأحاديث هي عندهم ضعيفة لا يُعْمَلُ بِهَا.
4 - ونتيجة لتضييق أبي حنيفة من دائرة العمل بالحديث في الحدود التي رسمها واطمأن إليها، اضطر إلى القياس وإعمال الرأي، وقد آتاه اللهُ فيه موهبة عجيبة فذة لا مثيل لها، ولا ريب أن استعماله القياس إلى مدى واسع، بَاعَدَ الشُقَّةَ بينه وبين أهل الحديث، كما باعد بينه وبين بعض الفقهاء الذين لايستعملون القياس إلا في نطاق ضيق.
5 - كان أبو حنيفة دقيق المسلك في الاستنباط دقة عجيبة بعيدة المدى قادراً على تقليب وجوه الرأي في كل مسألة لدرجة تذهل وتدهش.
أخرج ابن أبي العوام بسنده إلى محمد بن الحسن قال: «كَانَ أَبُوْ
(1) " جامع بيان العلم ": 2/ 154.
----------------------
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) [هكذا وردت في " جامع بيان العلم وفضله ": «هُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا لَمْ يَكُنْ وَأَجْهَلُهُمْ بِمَا قَدْ كَانَ»، 2/ 1073 حديث 2087، والناقم هنا رَقَبَةُ بْنُ مَصْقَلَةَ]، بينما وردت في المطبوع في طبعتي المكتب الإسلامي وطبعة دار الوراق: «هُوَ أَجْهَلُ النَّاسِ بِمَا كَانَ وَأَعْلَمُهُمْ بِمَا لَمْ يَكُنْ».
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 441