نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 213
8 - تحكمهم في المصادر التي ينقلون منها، فهم ينقلون مثلاً من كتب الأدب ما يحكمون به في تاريخ الحديث، ومن كتاب التاريخ ما يحكمون به في تاريخ الفقه، وَيُصَحِّحُونَ ما ينقله «الدميري» في كتاب " الحيوان " (*) وَيُكَذِّبُونَ ما يرويه «مالك» في " الموطأ " كل ذلك انسياقاً مع الهوى، وانحرافاً عن الحق.
بهذه الروح التي أوضحنا خصائصها بحثوا في كل ما يتصل بالإسلام وَالمُسْلِمِينَ من تاريخ وفقه وتفسير وحديث وأدب وحضارة، وقد أتاح لهم تشجيع حكوماتهم، ووفرة المصادر بين أيديهم، وتفرغهم للدراسة، واختصاص كل واحد منهم بفن أو ناحية من نواحي ذلك الفن، يفرغ له جهده في حياتها كلها، ساعدهم ذلك كله على أن يصبغوا بحوثهم بصبغة علمية، وأن يحيطوا بثروة من الكتب والنصوص ما لم يحط به كثير من علمائنا اليوم الذين يعيشون في مجتمع مضطرب في سياسته وثروته وأوضاعه، فلا يجدون مُتَّسَعًا للتفرغ لما يتفرغ له أولئك المُسْتَشْرِقُونَ، وكان من أثر ذلك أن أصبحت كتبهم وبحوثهم مرجعا للمتثقفين منا ثقافة غربية وَالمُلِمِّينَ بلغات أجنبية، وقد خدع أكثر هؤلاء المُثَقَّفِينَ ببحوثهم، واعتقدوا بمقدرتهم العلمية وإخلاصهم للحق .. وجروا وراء آرائهم ينقلونها كما هي، ومنهم من يفاخر بأخذها عنهم، ومنهم من يلبسها ثَوْبًا إِسْلاَمِيًّا جَدِيدًا. ولا أريد أن أضرب لك الأمثال، فقد رأيت من صنيع الأستاذ «أحمد أمين» في " فجر الإسلام " [1] مَثَلاً لتلامذة مدرسة المُسْتَشْرِقِينَ من المُسْلِمِينَ.
خُلاَصَةُ قَوْلِ جُولْدْتْسِيهِرْ فِي السُنَّةِ وَتَشْكِيكِهِ بِهَا:
ننتقل من هذه المقدمة الضرورية، إلى بيان موقف المُسْتَشْرِقِينَ مِنَ السُنَّةِ، وَشُبَهِهِمْ التي أثاروها حولها، والتي تأثر بها كثير من الكُتَّابِ المُسْلِمِينَ كما رأيت، ولعل أشد المُسْتَشْرِقِينَ خطراً، وأوسعهم باعاً، وأكثرهم خبثاً وإفساداً في هذا الميدان، هو المستشرق اليهودي المجري [1] ومن صنيع أَبِي رَيَّةَ في كتابه " أَضْوَاءٌ عَلَى السُنَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ ".
----------------------
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) [للدميري كتاب " حياة الحيوان " وإنما ذكرت هذا التعليق للتمييز بين هذا الكتاب وكتاب " الحيوان " للجاحظ].
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 213