نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 105
وضعهم للأحاديث في الترغيب والترهيب، ظناً منهم أنهم يتقربون إلى الله ويخدمون دين الإسلام، ويحببون الناس في العبادات والطاعات، ولما أنكر العلماء عليهم ذلك وَذَكَّرُوهُمْ بقوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» قالوا: نحن نكذب له - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا عليه، وهذا كله من الجهل بالدين وغلبة الهوى والغفلة، ومن أمثلة ما وضعوه في هذا السبيل. حديث فضائل القرآن سورة سورة، فقد اعترف بوضعه نوح بن أبي مريم، واعتذر لذلك بأنه رأى الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق، ومن هؤلاء الوَضَّاعِينَ غُلاَم خَلِيلْ، وقد كان زاهداً متخلياً عن الدنيا وشهواتها، منقطعاً إلى العبادة والتقوى، محبوباً من العامة، حتى إن بغداد أغلقت أسواقها يوم وفاته حزناً عليه، ومع ذلك فقد زَيَّنَ له الشيطان وضع أحاديث في فضائل الأذكار والأوراد حتى قيل له: هذه الأحاديث التي تَحَدَّثَ بها من الرقائق؟ فقال: «وَضَعْنَاهَا لِنُرَقِّقَ بِهَا قُلُوبَ العَامَّةِ».
سَابِعًا - التَقَرُّبُ لِلْمُلُوكِ وَالأُمَرَاءِ بِمَا يُوَافِقُ أَهْوَاءَهُمْ:
ومن أمثلة ذلك ما فعله غياث بن إبراهيم، إذ دخل على المهدي وهو يلعب بالحَمَامِ فروى له الحديث المشهور «لاَ سَبَقَ إِلاَّ فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ» [1] وزاد فيه «أَوْ جَنَاحٍ» إرضاءً للمهدي، فمنحه المهدي عشرة آلاف درهم، ثم قال بعد أن وَلَّى: «أَشْهَدُ أَنَّ قَفَاكَ قَفَا كَذَّابٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -»، وَأَمَرَ بِذَبْحِ الحَمَامِ.
وهنالك أسباب أخرى للوضع كالرغبة في الإتيان بغريب الحديث من متن وإسناد، والانتصار للفتيا، والانتقام من فئة معينة، والترويج لنوع من المآكل أو الطيب أو الثياب، وقد توسع العلماء في ذكرها وضربوا لها الأمثال.
ونتيجة لما ذكرناه من بواعث الوضع، نذكر فيما يلي أشهر أصناف الوَضَّاعِينَ وَهُمْ: [1] أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة، ورواه الشافعي والحاكم وَصَحَّحَهُ.
نام کتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق نویسنده : السباعي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 105