قال الخطيب البغدادي: " ويجب أن يكون وقت الأداء مسلماً لأن الله تعالى قال: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} وإن أعظم الفسق الكفر، فإن كان خبر الفاسق مردوداً [1] مع صحة اعتقاده فخبر الكافر بذلك أولى [2] فالإسلام إذا شرط عند الأداء والتبليغ وليس شرطاً عند التحمل فيصح تحمل الكافر " وقد ثبت روايات كثيرة لغير واحد من الصحابة كانوا حفظوها قبل إسلامهم وأدوها بعده " [3].
وأضرب أمثلة على ذلك من صحيح البخاري - رحمه الله -:
1) رواية محمد بن جبير عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي " (4)
قال الحافظ: واستدل به على صحة أداء ما تحمله الراوي في حال الكفر، وكذا الفسق إذا أداه في حال العدالة " [5].
2) حديث أبي سفيان بقصة هرقل [6] التي كانت قبل إسلامه فقد رواها البخاري في صحيحه كاملة في كتاب بدء الوحي ثم قطعها في مواضع كثيرة مستنبطاً منها في كل مرة حكماً فقهياً أو فائدة جديدة.
ثانياً: البلوغ:
هذا الشرط يتعلق بحالتين من حالات الراوي: حالة السماع والتحمل، ثم حالة الأداء والرواية.
ولقد تنازع العلماء والمحدثون قديماً في ذلك، فمنهم من اشترط سناً معيناً للتحمل، ومنهم من صحح سماع الصغير. وقد ذكر هذا الخلاف الخطيب البغدادي في الكفاية فقال: " قل من كان يكتب الحديث - على ما بلغنا - في عصر التابعين [1] والآية لا تدل على أن خبر الفاسق مردود إلا إن حمل على الكاذب، وإنما مقصود الآية التوقف في خبر الفاسق حتى يتبين صدقه. [2] الكفاية في علم الرواية ص99. [3] المصدر نفسه.
(4) البخاري في كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدراً (4/ 1475) (3798). [5] فتح الباري ج2 ص290. [6] رجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب 6 حديث رقم (7)، ج1 ص42 - 44 مع الفتح.