أنه لا تلازم بين صحة الإسناد وصحة المتن، وعليه فكان الأحرى بالإمام الذهبي أن يقيد إطلاق عبارته بالأسانيد، وألا يخالف نص عبارة شيخه في الاقتراح حيث قال: [وقد اختلف أئمة الحديث في أَصحِّ الأسانيد: ... ].
قال ابن حجر في النكت (1/ 247 - 248): (قوله - أي ابن الصلاح -: ((ولهذا نرى الإمساك عن الحكم لإسناد أو حديث بأنه الأصح على الإطلاق. على أن جماعة من أئمة الحديث خاضوا غمرة ذلك)). (انتهى). إما الإسناد فهو كما قال قد صرح جماعة من أئمة الحديث بأن إسناد كذا أًصح الأسانيد.
وأما الحديث فلا يحفظ عن أحد من أئمة الحديث أنه قال: حديث كذا أصح الأحاديث على الإطلاق، لأنه لا يلزم من كون الإسناد أصح من غيره أن يكون المتن المروي به أصح من المتن المروي بالإسناد المرجوح، لاحتمال انتفاء العلة عن الثاني ووجودها في الأول. أو كثرة المتابعات وتوافرها على الثاني دون الأول. فلأجل هذا ما خاض الأئمة إلا في الحكم على الإسناد خاصة. وليس الخوض فيه يمتنع، لأن الرواة قد ضبطوا، وعرفت أحوالهم وتفاريق مراتبهم، فأمكن الاطلاع على الترجيح بينهم.
وسبب الاختلاف في ذلك إنما هو من جهة أن كل من رجح إسناداً كانت أوصاف رجال ذلك الإسناد عنده أقوى من غيره بحسب اطلاعه، فاختلفت أقوالهم، لاختلاف اجتهادهم.].
وقال طاهر الجزائري في توجيه النظر إلى أصول الأثر (1/ 501): [ولما كان لا يلزم من كون الإسناد أصح من غيره أن يكون المتن كذلك قصر الأئمة الحكم على الإسناد فقط ولا يحفظ عن أحد منهم أنه قال إن الأحاديث المروية بإسناد كذا من الأسانيد التي حكم لها بأنها أصح من غيرها هي أصح الأحاديث].
الإشكال الثاني:
وهو جزمه هنا بأن ما ذكر هو أعلى مراتب الصحيح المجمع عليه، مخالفاً لشيخه الذي قد ذكر هذه الأسانيد كمذاهب في المسألة، ولم يجزم بشيء منها.
قال طاهر الجزائري في توجيه النظر إلى أصول الأثر (1/ 500 - 501): [وقد اختلف في أصح الأسانيد فقال البخاري أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع