فالحديث لا يخرج من رواية الثقة، سواء أكان هو هذا الثقة أم ذاك الثقة، أو هذا الصحابي أو ذاك الصحابي، بخلاف الاضطراب الذي يكون حول الراوي الثقة والضعيف؛ فإنه يضر حينئذ في صحة الحديث.
وهذا أيضا لا ينفي كون العلة قادحة لتأثيرها في ثبوت الراوي الثقة بعينه، ويكون السؤال مطروحا: من صاحب هذا الحديث؟ فهذا النوع من الاضطراب أصبح علة قادحة، وإن لم تقدح في صحة الحديث عموما ...
والواقع هو أن العلة كلها قادحة تقدح في صحة ما وقعت فيه العلة، قد يكون ذلك في الإسناد أو فيما يخص راويا من رواته، أو في المتن، أو زيادة كلمة فيه، أو تغيير سياقه أو في الحديث سندا ومتنا، أعني بذلك أن القدحية قد تكون نسبية أو مطلقة، لأن العلة عند نقاد الحديث عبارة عن خطأ الراوي. والله أعلم].
لاحظ أن نظر المقسمين للعلة إلى قادحة وغير قادحة إنما هو بالنظر إلى الطريق الصحيح، فالعلة والمخالفة هنا لم تقدح في صحة هذا الحديث من هذه الطريق الصحيحة، وأما كلام المليباري في هذا المبحث فإنما هو بالنظر لعموم الطرق فمطلق العلة قادح سواء كان ذلك في الطريق الصحيح أو الطريق الخطأ، فأصبح الخلاف بينهما لفظي فالمليباري بمقتضى كلامه لا ينكر أن العلة القادحة في الطريق الخطأ تكون غير قادحة في الطريق الصحيح.
قوله: (فالمجُمْعُ على صِحَّتِه إذاً: المتصلُ السالمُ من الشذوذِ والعِلَّة، وأنْ يكون رُواتُه ذوي ضَبْطٍ وعدالةٍ وعدمِ تدليس). فيه مسألتان:
المسألة الأولى: قوله: (المجُمْعُ على صِحَّتِه) أي بين المحدثين والفقهاء، قال ابن دقيق العيد في الاقتراح: [الصحيح: ومداره بمقتضى أصول الفقهاء والأصوليين على صفة عدالة الراوي في الأفعال مع التَّيقُظ، العدالة المشترطة في قبول الشهادة، على ما قُرِّر في الفقه، فمن لم يقبل المرسل منهم زاد في ذلك أن يكون مسنداً. وزاد أصحاب الحديث أن لا يكون شاذاً ولا معلَّلاً. وفي هذين الشرطين نَظَرٌ على مقتضى مذهب الفقهاء، فإن كثيراً من العلل (التي) يعلِّل بها المحدثون الحديث لا تجري على أصول الفقهاء. وبمقتضى ذلك حُدَّ الحديث