نام کتاب : علوم الحديث ومصطلحه نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 47
الإقبال على كتابة العلم والإذن بها، وهو تمييز حديث رسول الله مما وضع في فيه ولم يقله، وإنه لأمر أَقَضَّ مضجع الزُهري، فانطلق يقول كاظمًا غيظه: «لَوْلاَ أَحَادِيثَ تَأْتِينَا مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ نُنْكِرُهَا لاَ نَعْرِفُهَا , مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا وَلاَ أَذِنْتُ فِي كِتَابِهِ» [1].
ولقد يكون رأي الزُهري هذا هو رأي أكثر العلماء في ذلك العصر، فالحرص على كلام رسول الله أنْ يضيع كالخوف عليه أنْ يشيع فيه غير الصحيح كانا عاملين كبيرين في توجيه العلماء نحول القول بكتابة الحديث تارة والنهي عنها تارة أخرى. فإذا كنا رأينا اسمي سعيد بن المسيب والشعبي بين أسماء المُرَخِّصِينَ في الكتابة فلن نعدم روايات تُصَوِّرُهُمَا لنا مستنكرين لها [2]، وقل مثل ذلك في مجاهد وقتادة [3]، حتى القاسم بن محمد بن أبي بكر (- 107 هـ) الذي أمر عمر بن عبد العزيز بجمع ما عنده من الأحاديث والروايات عن عائشة اشتهر عنه القول بكره التدوين [4]، وهكذا جمعوا وَدَوَّنُوا عن أشخاص كانوا يكرهون الجمع والتدوين. ولقد عَبَّرَ عن خوفهم من نتائج هذا التدوين الضحاك بن مزاحم الهلالي (- 105 هـ) حين طفق ينادي الناس: «لاَ تَتَّخِذُوا لِلْحَدِيثِ كَرَارِيسَ كَكَرَارِيسِ
(1) " تقييد العلم ": ص 108. [2] انظر كراهة سعيد بن المسيب للكتابة " تذكرة الحُفاظ ": 1/ 105 وفي كراهة الشعبي لها " المحدث الفاصل ": 4/ 5 الوجه الأول. [3] انظر في كره مُجاهد كتابة العلم في الكراريس " سنن الدارمي ": 1/ 121 وقد سبق أنْ نبَّهْنا على أنَّ في " سُنن الدارمي " نفسها: 1/ 128 ما يشير إلى عناية مجاهد بالكتابة. وانظر في كره قتادة للكتابة " سنن الدارمي ": 1/ 120. [4] انظر " جامع بيان العلم ": 1/ 67 و" تقييد العلم ": ص 46.
نام کتاب : علوم الحديث ومصطلحه نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 47