ومن صور العلو النسبي تقدم وفاة الراوي عمن روى عنه وإن تَسَاوَيَا في العدد. فمن سمع " مسند أحمد " على الحلاوي عن أبي العباس الحلبي عن النجيب أعلى نسبيًا ممن سمعه على الجمال الكتاني عن القرضي عن زينب بنت مكي، لتقدم وفاة الثلاثة الأولين على الثلاثة الآخرين [2] فهم أقرب إلى أحمد و" مسنده ".
ومن العلو النسبي تقدم السماع [3]: فمن سمع من الشيخ قديمًا كان أعلى ممن سمع منه أخيرًا، كأن يسمع شخصان من شيخ واحد، أحدهما سمع منه منذ ستين سنة مثلاً، والآخر منذ أربعين، فالأول أعلى من الثاني [4].
وولوع المتأخرين من المحدثين بالإسناد العالي مطلقًا ونسبيًا، غلب على الكثيرين منهم حتى صرفهم عن الاشتغال بما هو أهم منه، فتباهوا به مثلما تباهوا بطلب الغرائب والمناكير، كما أوضحنا في فصل (الرحلة في طلب الحديث)، وفصل (شروط الراوى)، «وَإِنَّمَا كانَ العلوُّ مَرْغُوبًا فِيهِ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إِلَى الصِحَّةِ وَقِلَّةِ الخَطَأِ؛ لأنَّهُ مَا مِنْ رَاوٍ مِنْ رِجَالِ الإِسْنَادِ إِلاَّ وَالخَطَأُ جَائِزٌ عَلَيْهِ، فَكُلَّمَا كَثُرَتْ الوَسَائِطُ وَطَالَ السَّنَدُ كَثُرَتْ مَظَانُّ التَّجْوِيزِ، وَكُلَّمَا قَلَّتْ قَلَّتْ» [5].
ومن هنا شاع على ألسنة المحدثين أن النازل مفضول [6]. قال السيوطي في ألفيته:
(1) " علوم الحديث " لابن الصلاح: ص 220.
(2) " التدريب ": ص 186.
(3) " علوم الحديث " لابن الصلاح: ص 220.
(4) " الباعث الحثيث ": ص 184 وقارن بـ " التدريب ": ص 187.
(5) " شرح النخبة ": ص 31.
(6) " اختصار علوم الحديث ": ص 184.
نام کتاب : علوم الحديث ومصطلحه نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 239