نام کتاب : علوم الحديث ومصطلحه نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 194
ثم قرأ العشرة الثانية، وقرأ الحديث الثاني، فقال: «وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِي، فَاضْرِبْ عَلَيْهِ»، ثم قرأ العشرة الثالثة، وقرأ الحديث الثالث، فتغير أبو نعيم ثم قبض على ذراع أحمد، ثم قال: «أَمَّا هَذَا فَوَرَعُهُ يَمْنَعُهُ عَنْ هَذَا، وَأَمَّا هَذَا - وَأَوْمَأَ إِلَيَّ - فَأَصْغَرَ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ هَذَا، وَلَكِنْ هَذَا مِنْ عَمَلِكَ يَا فَاعِلُ! ... » ثم أخرج رجله فرفس يحيى بن معين حتى قلبه عن الدكان، ثم قام فدخل داره فقال له أحمد: «أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا وَأَقَُلْ لَكَ إِنَّه ثَبْتٌ؟» فَقَالَ يَحْيَى: «هَذِهِ الرَّفْسَةُ أَحَبُّ إِلَيَِّ مِنْ سَفَرِي!» (1)
ولكن النقاد لا يحبون هذا النوع من الأغلوطات لنهي الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنها [2]. وقد أنكر حرمي على شعبة لما قلب أحاديث عن ابان بن أبي عياش وقال: «يَا بِئْسَ مَا صَنَعَ» [3].
ومعرفة قلب الحديث تحتاج إلى علم واسع، وتمرس وثيق بالروايات والأسانيد. وإنه ليستدل على مهارة المحدث باكتشافه ما يقع في الأحاديث من قلب. فهذا الخطيب يروي في هذا المجال عن البخارى ما يكبره في أعيننا، ويعظمه في نفوسنا. قال: «فَإِنَّهُمْ اجْتَمَعُوا - أي علماء بغداد حين قدم عليهم البخاري -، وَعَمَدُوا إِلَى مِائَةِ حَدِيثٍ، فَقَلَبُوا مُتُونَهَا وَأَسَانِيدَهَا، وَجَعَلُوا مَتْنَ هَذَا الإِسْنَادِ لإِسْنَادٍ آخَرَ، وَإِسْنَادَ هَذَا المَتْنِ لِمَتْنٍ آخَرَ، وَدَفَعُوهَا إِلَى عَشَرَةِ أَنْفُسٍ، إِلَى كُلِّ رَجُلٍ عَشَرَةً، وَأَمَرُوهُمْ إِذَا حَضَرُوا المَجْلِسَ يُلْقُونَ ذَلِكَ عَلَى البُخَارِيِّ. وَأَخَذُوا الوَعْدَ لِلْمَجْلِسِ، فَحَضَرَ المَجْلِسَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ الحَدِيثِ مِنَ الغُرَبَاءِ مِنْ أَهْلِ
(1) " التوضيح ": 2/ 102، 103. [2] نفسه: 2/ 102.
(3) " التدريب ": ص 107.
نام کتاب : علوم الحديث ومصطلحه نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 194