نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 67
الفقه والحديث مَعًا , منذ أسسها الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -. وازدادت علمًا وفضلاً بوصول أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إليها , وهو الذي قال: «رَحِمَ اللهُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ (يعني ابن مسعود)، لَقَدْ مَلأَ هَذِه القرْيَةَعِلْمًا!».
ومن الغريب أن بعضهم استند فيما ذكره عن أبي حنيفة إلى العلامة ابن خلدون , وهذا من خطف من بعض الكلام الذي ابتلينا به من كثير من الناس , دون أن يحيطوا خبرًا بكل ما في الموضوع , حتى في السياق نفسه.
ولو أننا رجعنا إلى ابن خلدون لوجدناه يذكر ذلك بصيغة التمريض , ولا يتبناه بل يذكر بعده ما يرد عليه , وهذه عبارته , قال في فصل «علوم الحديث» من " مقدمته ":
«واعلم أيضًا أن الأئمة المجتهدين تفاوتوا في الإكثار من هذه البضاعة والإقلال , فأبو حنيفة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - قيل: إنه إنما بلغت روايته إلى سبعة عشر حديثًا أو نحوها (إلى خمسين) , ومالك - رَحِمَهُ اللهُ -إنما صح عنده ما في كتاب " الموطأ " وغايتها ثلثمائة حديث أو نحوها , وأحمد بن حنبل - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في " مسنده " ثلاثون ألف حديث , ولكل ما أداه إليه اجتهاده في ذلك.
وقد يقول بعض المتعصبين المتعسفين: إن منهم من كان قليل البضاعة في الحديث , ولهذا قَلَّتْ روايته. ولا سبيل إلى هذا المعتقد في كبار الأئمة , لأن الشريعة إنما تؤخذ من الكتاب والسنة , ومن كان قليل البضاعة من الحديث , فيتعين عليه طلبه وروايته , والجد والتشمير في ذلك , وليأخذ الدين عن أصول صحيحة , ويتلقى الأحكام عن صاحبها المبلغ عن الله. وإنما أقل منهم من أقل الرواية , لأجل المطاعن التي تعترضه فيها , والعلل التي تعرض في طريقها سيما والجرح مقدم عند الأكثر , فيؤديه الاجتهاد إلى ترك الأخذ بما يعرض مثل ذلك فيه من الأحاديث وطرق الأسانيد , ويكثر ذلك , فتقل روايته لضعف الطرق , هذا مع أن أهل الحجاز أكثر رواية للحديث من أهل العراق , ولأن المدينة دار الهجرة ومأوى الصحابة , ومن انتقل منهم إلى العراق كان شغلهم بالجهاد أكثر , والإمام أبو حنيفة إنما قَلَّتْ روايته لما شدد في شروط الرواية والتحمل , وضعف الحديث إذا عارضه العقل القطعي , فاستصعب , وقلت من أجلها روايته , فقل حديثه , لا
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 67