نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 58
«ومما يسأل عنه أنه إذا كان ما أوجبه الله من الأعمال الظاهرة أكثر من هذه الخمس فلماذا قال الإسلام هذه خمس , وقد أجاب بعض الناس بأن هذه أظهر شعائر الإسلام وأعظمها , وبقيام العبد بها يتم إسلامه , وتركه لها يشعر بانحلال قيد انقياده».
و «التحقيق» أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكر الدين الذي هو استسلام العبد لربه مطلقًا والذي يجب للهِ عبادة محضة على الأعيان , فيجب على كل من كان قادرًا عليه ليعبد الله بها مخلصًا له الدين , وهذه هي الخمس , وما سوى ذلك فإنما يجب بأسباب لمصالح , فلا يعم وجوبها جميع الناس.
بل إما أن يكون فرضًا على الكفاية , كالجهاد والأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , وما يتبع ذلك من إمارة , وحكم وفتيا , وإقراء , وتحديث , وغير ذلك.
وإما أن يجب بسبب حق للآدميين يختص به من وجب به عليه , وقد يسقط بإسقاطه , وإذا حصلت المصلحة أو الإبراء , إما بإبرائه وإما بحصول المصلحة فحقوق العباد مثل قضاء الديون , ورد الغصوب , والعواري والودائع والإنصاف من المظالم من الدماء والأموال والأعراض , إنما هي حقوق الآدميين. وإذا برئوا منها سقطت وتجب على شخص دون شخص , في حال دون حال , لم تجب عبادة محضة لله على كل عبد قادر , ولهذا يشترك فيها المسلمون واليهود والنصارى , بخلاف الخمسة فإنها من خصائص المسلمين.
وكذلك ما يجب من صلة الأرحام , وحقوق الزوجة , والأولاد , والجيران والشركاء والفقراء , وما يجب من أداء الشهادة , والفتيا , والقضاء والإمارة والأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر والجهاد , كل ذلك يجب بأسباب عارضة على بعض الناس دون بعض , لجلب منافع ودفع مضار , لو حصلت بدون فعل الإنسان لم تجب , فما كان مشتركًا فهو واجب على الكفاية , وما كان مختصًا فإنما يجب على زيد دون عمرو , لا يشترك الناس في وجوب عمل بعينه على كل أحد قادر سوى الخمس , فإن زوجة زيد وأقاربه ليست زوجة عمر وأقاربه فليس الواجب على هذا مثل الواجب على هذا , بخلاف صوم رمضان , وحج البيت , والصلوات الخمس , والزكاة , فإن الزكاة وإن كانت حَقًّا مَالِيًّا فإنها واجبة لله ,
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 58