نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 101
ومما يؤسف له كثيرًا من المحدثين لا يطبقون هذه القواعد عندما يروون في الترغيب والترهيب ونحوه , وربما كان لهم عذر من طبيعة عصرهم. أما عقلية عصرنا فلا تقبل المبالغات , ولا تهضمها , وربما تتهم الدين ذاته إذا ألقى مثل هذه الأحاديث.
ومما تمجه اللغة: كثير من الأحاديث التي رواها بعض القصاص , مثل: دَرَّاجٍ [بْنُ سَمْعَانَ]، أَبُو السَّمْحِ في تفسير كلمات من القرآن الكريم لها مدلولاتها الواضحة في اللغة , فروى لها تفسيرات غاية في الغرابة والبعد عن المدلول اللغوي.
فمن حديث دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي الهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا: «وَيْلٌ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهِ الكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ» رواه أحمد والترمذي بنحوه إلا أنه قال: «سَبْعِينَ خَرِيفًا» مع أن «وَيْلٌ» كلمة وعيد بالهلاك معروفة قبل الإسلام وبعده.
ومثل ذلك ما جاء عند الطبراني والبيهقي عن ابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - من تفسير «الغَيِّ» في قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59].
قال: «وَادٍ فِي جَهَنَّمَ» , وفي رواية «نَهْرٌ فِي جَهَنَّمَ». والغي كلمة معروفة، وهي تقابل (الرُّشْدَ) كقوله تعالى: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256].
وكذلك ما رواه البيهقي وغيره عن أنس بن مالك - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - في قوله: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا} [الكهف: 52] قال: «وَادٍ مِنْ قَيْحٍ وَدَمٍ».
وأغرب منه ما رواه ابن أبي الدنيا عن شفي بن مانع: «أَنَّ فِي جَهَنَّم وَادِيًا يُدْعَى"أَثَامًا" فِيهِ حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ ... » إِلَى آخِرِهِ» , يشير إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]. والأثام إنما هي كلمة مشتقة من (الإِثْمِ).
ومما يؤسف له أن الإمام المنذري - رَحِمَهُ اللهُ - ذكر هذه الأحاديث كلها في كتابه " الترغيب والترهيب". ولا عجب أن سارع إليها الخطباء وحفلوا بها!.
ولهذا أعرضنا عنها في كتابنا " المنتقى من الترغيب والترهيب ".
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 101