ومن ذلك تأويل الأحاديث الواردة في شأن المسيح الدجال , الذي أمرنا أن نستعيذ بالله من شر فتنته في كل صلاة ـ بأنها ترمز إلى الحضارة الغربية السائدة الآن , فهي حضارة عوراء ـ مثلما وصف الدجال بأنه أعور , وأنها تنظر إلى الحياة والإنسان بعين واحدة هي العين المادية فقط , وما عدا ذلك لا تراه , فلا روح للإنسان , ولا إله للكون , ولا آخرة بعد هذه الحياة الدنيا.
فهذا التأويل مخالف لما أثبتته الأحاديث المتكاثرة أن الدجال إنسان فرد شخص , يغدو ويروح , ويدخل ويخرج , ويدعو ويغري ويهدد ... إلخ ما صحت به الأحاديث في ذلك , وقد بلغت حد التواتر.
ومن ذلك تأويل بعض الكتاب المعاصرين من المسلمين , الأحاديث التي جاءت بنزول المسيح آخر الزمان ـ وهي أحاديث بلغت حد التواتر كما بَيَّنَ ذَلِكَ جمع من الأئمة الحفاظ [130] ـ أنها ترمز إلى عصر يسود فيه السلام والأمن , فقد اشتهر بين الناس أن المسيح هو داعية السلام والسماحة بين البشر. [127] متفق عليه من حديث أنس كما في " اللؤلؤ والمرجان ": (665). [128] رواه ابن حبان وأبو نعيم في " الحلية " والبيهقي في " السنن " عن أبي هريرة، وذكره في " صحيح الجامع الصغير ". [129] رواه أحمد وإسناده قوي كما في " الترغيب " للمنذري. [130] انظر في ذلك كتاب " التصريح بما تواتر في نزول المسيح " للعلامة أنور الكشميري، تحقيق عبد الفتاح أبي غدة، وقد جمع فيه أربعين حديثًا من الصحاح والحسان، فضلاً عما دون ذلك.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 169