responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء نویسنده : القرضاوي، يوسف    جلد : 1  صفحه : 164
ومما يؤكد ذلك ما رواه الإمام أحمد في " مسنده " عن أنس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - , قال: «إِنْ كَانَتِ الوَلِيدَةُ (أي الأمة) مِنْ وَلاَئِدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، لَتَجِيءُ فَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلاَ يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهَا حَتَّى تَذْهَبَ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ».

ورواه البخاري بلفظ «إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ، لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ».

والحديث يدل على مدى تواضعه وأدبه ورقته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولو مع أَمَةٍ مِنَ الإِمَاءِ , فهي تمسك بيده , وتمر به في طرقات المدينة , ليقضي لها بعض الحاجات وهو - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - من فرط حيائه وعظيم خلقه , لا يريد أن يزعجها أو يجرح شعورها بنزع يده من يدها , بل يظل سائرًا معها على هذا الوضع حتى تفرغ من قضاء حاجتها.

وقد قال الحافظ في شرح حديث البخاري: «وَالمَقْصُودُ مِنَ الأَخْذِ بِاليَدِ لاَزِمُهُ، وَهُوَ الرِّفْقُ وَالاِنْقِيَادُ، وَقَدِ اشْتَمَلَ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ المُبَالَغَةِ فِي التَّوَاضُعِ لِذِكْرِهِ المَرْأَةَ دُونَ الرَّجُلِ وَالأَمَةَ دُونَ الحُرَّةِ وَحَيْثُ عَمَّمَ بِلَفْظِ: " الإِمَاءِ " أَيَّ أَمَةٍ كَانَتْ وَبِقَوْلِهِ: " حَيْثُ شَاءَتْ " أَيْ مِنَ الأَمْكِنَةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالأَخْذِ بِاليَدِ إِشَارَةٌ إِلَى غَايَةِ التَّصَرُّفِ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ حَاجَتُهَا خَارِجَ المَدِينَةِ، وَالتَمَسَتْ مِنْهُ مُسَاعَدَتَهَا فِي تِلْكَ الحَاجَةِ لَسَاعَدَ عَلَى ذَلِكَ.
وَهَذَا [دَالٌّ] عَلَى مَزِيدِ تَوَاضُعِهِ وَبَرَاءَتِهِ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْكِبْرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -». اهـ. [119].

وما ذكره الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - مُسَلَّمٌ في جملته , ولكن صرفه معنى الأخذ باليد عن ظاهره إلى لازمه , وهو الرفق والانقياد غير مسلم , لأن الظاهر واللازم مرادان مَعًا. والأصل في الكلام أن يحمل على ظاهره , إلا أن يوجد دليل أو قرينة معينة تصرفه عن هذا الظاهر. ولا أرى هنا ما يمنع ذلك، بل إن رواية الإمام أحمد ـ وفيها «فَلاَ يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهَا حَتَّى تَذْهَبَ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ» ـ لتدل بوضوح على أن الظاهر هو المراد , وأن من التكلف والاعتساف الخروج عنه.

إن إغلاق باب المجاز في فهم الأحاديث , والوقوف عند المعنى الأصلي الحرفي

(119) " فتح الباري ": ج 13 (*).
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) انظر: " فتح الباري بشرح صحيح البخاري "، لابن حجر العسقلاني: 10/ 490، طبعة سنة 1379 هـ، نشر دار المعرفة. بيروت - لبنان.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء نویسنده : القرضاوي، يوسف    جلد : 1  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست