والمجاز كما يقع في أحاديث الأخبار , يقع في أحاديث الأحكام , فيجب على أهل الفقه التنبه له , والتنبيه عليه , ولمثل هذا اشترطوا في المجتهد أن يكون عَالِمًا بِالعَرَبِيَّةِ عِلْمًا يمكنه من فهم دلالاتها المختلفة , كما كان يفهمها العربي الخالص في عصر النبوة والصحابة , وإن كان هذا يعرفها بالسليقة وذاك يعرفها بالدراسة , وقد قال الأعرابي:
وَلَسْتُ بنَحْوِىٍّ يَلُوكُ لِسَانَهُ * ... * ... * وَلَكِنْ سَلِيقِيٌّ أقُولُ فأُعْرِبُ!
وإغفال الفرق بين المجاز والحقيقة يوقع في كثير من الخطأ , كما رأيت ذلك بجلاء عند الذين يسارعون إلى الفتوى في عصره , فيُحَرِّمُونَ وَيُوجِبُونَ , وَيُبَدِّعُونَ وَيُفَسِّقُونَ , وَرُبَّمَا يُكَفِّرُونَ بِنُصُوصٍ إِنْ سُلِّمَ لَهَا بِصِحَّةِ الثُّبُوتِ , وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهَا بِصَرَاحَةِ الدَّلاَلَةِ.
خذ مثلاً الحديث الذي استدل به بعض المعاصرين على تحريم مصافحة الرجل للمرأة , بإطلاق , وهو ما رواه الطبراني: «لأَنْ يُطْعَنَ [فِي رَأْسِ] أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدِ خَيْرٌ
(117) " المسند "، ط. المعارف: ج 8/ 240، 241، تخريج حديث (5993).
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 162