نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 136
وحجة هؤلاء المتشددين:
أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أوجبها في أصناف معينة من الطعام: التمر والزبيب والقمح والشعير , فعلينا أن نقف عند ما حدده رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ولا نعارض السُنَّةَ بالرأي.
ولو تأمل هؤلاء الأخوة في الأمر كما ينبغي له، لوجدوا أنهم خالفوا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحقيقة، وإن اتبعوه في الظاهر. أقصد أنهم عَنُوا بِجِسْمِ السُنَّةِ وَأَهْمَلُوا رُوحَهَا.
فالرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - راعى ظروف البيئة والزمن , فأوجب زكاة الفطر مما في أيدي الناس من الأطعمة , وكان ذلك أيسر على المعطي , وأنفع للآخذ.
فقد كانت النقود عزيزة عند العرب , وخصوصًا أهل البوادي. وكان إخراج الطعام ميسورًا لهم , والمساكين محتاجون إليه , لهذا فرض الصدقة من الميسور لهم.
حتى إنه رخص في إخراج (الأقط) ـ وهو اللبن المجفف المنزوع زبده ـ لمن كان عنده وسهل عليه. مثل أصحاب الإبل والغنم والبقر من أهل البادية.
فإذا تغير الحال , وأصحاب النقود متوافرة , والأطعمة غير متوافرة , أو أصبح الفقير غير محتاج إليها في العيد , بل محتاجًا إلى أشياء أخرى لنفسه أو لعياله , كان إخراج القيمة نَقْدًا هو الأيسر على المعطي , والأنفع للآخذ. وكان هذا عملاً بروح التوجيه النبوي , ومقصوده.
إن مدينة كالقاهرة وحدها , فيها أكثر من عشرة ملايين مسلم , لو كلفتهم بإخراج عشرة ملايين صاع من القمح أو الشعير أو التمر أو الزبيب فمن أين يجدونها؟ وأي عسر وأي حرج يجدونه وهم يبحثون عنها في أنحاء القرى حتى يعثروا عليها كلها أو بعضها؟ وقد نفى الله عن دينه الحرج , وأراد بعباده اليسر ولم يرد بهم العسر!
وَهَبْ أنهم وجدوها بسهولة , فماذا يستفيد الفقير منها , وهو لم يعد يطحن ولا يعجن ولا يخبز , إنما يشترى الخبز جاهزًا من المخبز؟.
إننا نُلْقِي عليه عِبْئًا حين نعطيها له حَبًّا , ليتولى بعد ذلك بيعه. ومن يشتريه منه , والناس كلهم من حوله لم يعودوا في حاجة إلى الحَبِّ؟!
ولقد حدثني الإخوة في بعض البلاد التي يمنع علماؤها إخراج القيمة: أن المزكي
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 136