نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 132
فما فعله عثمان وعلي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - لم يكن مخالفة منهما للنص النبوي بل نَظَرًا إلى مقصوده , فحيث تغيرت أخلاق الناس , ودب إليهم فساد الذمم وامتدت أيديهم أو بعضهم إلى الحرام , كان ترك الضوال من الإبل والبقر إضاعة لها , وتفويتًا لها على صاحبها , وهو ما لم يقصده النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قطعًا حين نهى عن التقاطها , فكان درء هذه المفسدة متعينًا.
مَا بُنِيَ مِنْ نُصُوصٍ عَلَى عُرْفٍ تَغَيَّرَ:
ومما يدخل فيما سبق أو يلحق به: النظر فيما بني من النصوص على عرف زمني كان قائمًا في عصر النبوة , ثم تغير في عصرنا , فلا حرج علينا من النظر في مقصود النص دون التمسك بحرفيته.
وعلماء الفقه يعرفون في هذا الموضوع رأي الإمام أبي يوسف في الأصناف الربوية التي جاء بها الحديث النبوي: «البُرُّ بِالبُرِّ كَيْلاً بِكَيْلٍ، مِثْلاً بِمِثْلٍ» وكذلك الشعير والتمر والملح , أما الذهب والفضة فقال فيهما: «وَزْنًا بِوَزْنٍ».
فأبو يوسف يرى أن اعتبار ما ذكر من الأصناف مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا بُنِيَ عَلَى العُرْفِ فإذا تغير العرف وأصبح التمر أو الملح مثلاً يباع بالوزن ـ كما في عصرنا ـ وجب العمل بما صار إليه العرف الجديد , فيجوز بيع التمر والملح مثلاً بالتمر والملح وزنًا متساويًا , وإن تفاوتا كيلاً.
وهذا مخالف لما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة , ونصت عليه كتب الحنفية , من أن كل شيء نص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على تحريم التفاضل فيه كيلاً ,فهو مكيل أبدًا وإن ترك الناس الكيل فيه , وكل ما نص على تحريم التفاضل فيه وزنًا فهو موزون أبدًا وإن ترك الناس الوزن فيه.
وعلى هذا القول يجب أن يستمر التمر والملح والبر والشعير مكيلات إلى يوم القيامة , وهذا تعسير على الناس , مع أنه أمر لا غرض للشارع فيه , فالصحيح ما قاله أبو يوسف.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 132