نام کتاب : مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح نویسنده : البلقيني، سراج الدين جلد : 1 صفحه : 235
ثم اختلفوا في قبول رواية من عُرِفَ بهذا التدليس، فجعله فريق من أهل الحديث والفقهاء مجروحًا بذلك، وقالوا: لا تُقبَل روايتُه بحال ٍ، بَيَّن السماع أو لم يُبَيِّنْ.
والصحيح التفصيلُ: وأن ما رواه المدلِّسُ بلفظٍ محتمل لم يبيِّن فيه السماعَ والاتصالَ، حُكمُه حُكْمُ المرسَل وأنواعِه، وما رواه بلفظ مُبيِّنٍ للاتصال نحو: سمعت، وحدثنا، وأخبرنا .. وأشباهِها؛ فهو مقبول مُحتَجٌّ به، وفي (الصحيحين) وغيرهما من الكتب المعتمدة من حديث هذا الضرب كثير جدًّا، كَـ: قتادةَ، والأعمش، والسُّفيانَيْنِ، وهُشَيْم بن بَشِيرٍ، وغيرِهم. وهذا لأن التدليس ليس كذبًا وإنما هو ضرب من الإِيهام بلفظ محتمل. والحكم بأنه لا يُقْبَلُ من المدلِّس حتى يُبَيِّنَ، قد أجراه " الشافعيُّ " - رضي الله عنه - فيمن عرفناه دلَّس مرةً [1]. والله أعلم.
وأما القسم الثاني فأمرُه أخَفُّ، وفيه تضييع للمرويِّ عنه وتوعيرٌ لطريق معرفته على من يطلب الوقوفَ على حاله وأهليته *. ويختلف الحالُ في كراهة ذلك بحسب الغرض الحامل عليه، فقد يحمله على ذلك كون [17 / ظ] شيخه الذي غَيَّرَ سِمَتَه غير ثقة، أو كونُه متأخرَ الوفاة قد شاركه في السماع منه جماعةٌ دونه، أو كونُه أصغرَ سنًّا من الراوي
(1) " فقد أبان لنا عورته بروايته ": الرسالة للإِمام الشافعي: 164 وعلى هامش (غ): [زاد النووي ههنا في (مختصره) زيادة حسنة فقال: وما كان في (الصحيحين) وشبههما عن المدلسين بـ: " عن " محمول على ثبوت السماع من جهة أخرى. والله أعلم]- التقريب 1/ 230 وانظر تقييد العراقي 99.
= السماع ممكنًا، وحينئذ تعين الحملُ على المجاز بالقرينة، نحو قول أبي طلحة: إني سمعت الله يقول: " لن تنالوا البر حتى تُنْفقوا مما تحبون " الحديث. والمراد: سمعت كلام الله، ونحو ذلك. وجواب آخر: وهو أن ذلك الرجل يقال إنه " الخضر " كما نقل عن " أبي إسحاق السبيعي " فإن صح؛ كانت اللفْظَةُ على بابها. انتهت " 24 / ظ.
* المحاسن:
" فائدة: توعير الطريق قد يكون لامتحان الأذهان في استخراج المدلسات واختبار الحفظ، وقد يكون لغير ذلك فتحصل المفسدة. انتهت " 25 / و.
نام کتاب : مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح نویسنده : البلقيني، سراج الدين جلد : 1 صفحه : 235