responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 4  صفحه : 398
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي قَوْلِهِ: {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: 2]: فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا وَأَنْتَ سَاكِنٌ، تَقْدِيرُ الْكَلَامِ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ الَّذِي أَنْتَ [فِيهِ لِكَرَامَتِك عَلَيَّ، وَحُبِّي لَك؛ وَتَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى نَحْوِ الْحَالِ، كَأَنَّهُ قَالَ: أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ] فِيهِ.

الثَّانِي: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ يَحِلُّ لَك فِيهِ الْقَتْلُ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تُحَلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا حُلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ».
الثَّالِثُ: وَيَرْجِعُ إلَى الثَّانِي أَنَّهُ يَحِلُّ لَك دُخُولُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ؛ «دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، وَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا».
الرَّابِعُ قَالَ مُجَاهِدٌ: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ لَيْسَ عَلَيْك مَا عَلَى النَّاسِ فِيهِ مِنْ الْإِثْمِ: يُرِيدُ أَنَّ اللَّهَ عَصَمَك. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَمَّا قَوْلُهُ: {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: 2] أَيْ سَاكِنٌ فِيهِ؛ فَيُحْتَمَلُ اللَّفْظُ، وَتَقْتَضِيهِ الْكَرَامَةُ، وَيَشْهَدُ لَهُ عِظَمُ الْمَنْزِلَةِ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي فَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي جَوَازِ الْقَتْلِ بِمَكَّةَ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ فِيهَا فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا؛ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ.
وَأَمَّا دُخُولُهُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا دُخُولُ النَّاسِ مَكَّةَ فَعَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا لِتَرَدُّدِ الْمَعَاشِ، وَإِمَّا لِحَاجَةٍ عَرَضَتْ؛ فَإِنْ كَانَ لِتَرَدُّدِ الْمَعَاشِ فَيَدْخُلُهَا حَلَالًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كُلِّفَ الْإِحْرَامَ فِي كُلِّ وَقْتٍ لَمْ يُطِقْهُ، وَقَدْ رُفِعَ تَكْلِيفُ هَذَا عَنَّا. وَأَمَّا إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ عَرَضَتْ فَلَا يَخْلُو؛ إمَّا أَنْ تَكُونَ حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً أَوْ غَيْرَهُمَا؛ فَإِنْ كَانَ حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ؛ فَفِي الْمَشْهُورِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِحْرَامِ، وَرُوِيَ عَنْهُ تَرْكُهُ.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 4  صفحه : 398
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست