responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 4  صفحه : 262
الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ مَعْلُومٌ، فَقَدَّرَ عُلَمَاؤُنَا الثُّلُثَ لِهَذَا الْحَدِّ؛ إذْ رَأَوْهُ حَدًّا فِي الْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
وَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا: ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ الْجَائِزُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، أَوْ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ الَّذِي لَا يُسْتَدْرَكُ أَبَدًا؛ لِأَنَّ تَغَابُنَ الدُّنْيَا يُسْتَدْرَكُ بِوَجْهَيْنِ: إمَّا بِرَدٍّ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَإِمَّا بِرِبْحٍ فِي بَيْعٍ آخَرَ وَسِلْعَةٍ أُخْرَى.
فَأَمَّا مَنْ خَسِرَ الْجَنَّةَ فَلَا دَرْكَ لَهُ أَبَدًا. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الصُّوفِيَّةِ: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْغَبْنَ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَلَا يَلْقَى أَحَدٌ رَبَّهُ إلَّا مَغْبُونًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِيفَاءُ لِلْعَمَلِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ اسْتِيفَاءُ الثَّوَابِ. وَفِي الْأَثَرِ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَلْقَى اللَّهَ أَحَدٌ إلَّا نَادِمًا إنْ كَانَ مُسِيئًا إذْ لَمْ يُحْسِنْ. وَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا إذْ لَمْ يَزْدَدْ». وَالْقَوْلُ مُتَشَعِّبٌ، وَالْقَدْرُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ مِنْهُ بِالْأَحْكَامِ هَذَا فَاعْلَمُوهُ.

[الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ]
ِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: 11].
قَالَ الْقَاضِي: أَدْخَلَ عُلَمَاؤُنَا هَذِهِ الْآيَةَ فِي فُنُونِ الْأَحْكَامِ، وَقَالُوا: إنَّ ذَلِكَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالتَّسْلِيمَ لِمَا يَنْفُذُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَالْمِقْدَارُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ مِنْهُ بِالْأَحْكَامِ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى الْمَصَائِبِ لِعِلْمِ الْعَبْدِ بِالْمَقَادِيرِ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ؛ وَهَذَا خَارِجٌ عَنْ سُبُلِ الْأَحْكَامِ، لَكِنْ لِلْجَوَارِحِ فِي ذَلِكَ أَعْمَالٌ [مِنْ دَمْعِ الْعَيْنِ، وَالْقَوْلِ بِاللِّسَانِ، وَالْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ]، فَإِذَا هَدَأَ الْقَلْبُ جَرَى اللِّسَانُ بِالْحَقِّ. وَرَكَدَتْ الْجَوَارِحُ عَنْ الْخَرْقِ، وَلَوْ اسْتَرْسَلَ الدَّمْعُ لَمْ يَضُرَّ. قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُبَيِّنًا لِذَلِكَ: «تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا، وَإِنَّا بِك يَا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ».

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 4  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست