responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 4  صفحه : 196
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ: مُدَّانِ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قِيلَ لَهُ: أَلَمْ تَكُنْ قُلْت: مُدُّ هِشَامٍ، قَالَ: بَلَى، وَمُدَّانِ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَبُّ إلَيَّ. وَكَذَلِكَ قَالَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا. وَمُدُّ هِشَامٍ هُوَ مُدَّانِ غَيْرُ ثُلُثٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ أَشْهَبُ: قُلْت لَهُ: أَيَخْتَلِفُ الشِّبَعُ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ. الشِّبَعُ عِنْدَنَا مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالشِّبَعُ عِنْدَكُمْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا لَنَا بِالْبَرَكَةِ دُونَكُمْ، وَأَنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَكْثَرَ مِمَّا نَأْكُلُ نَحْنُ، وَهَذَا بَيِّنٌ جِدًّا.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَقَعَ الْكَلَامُ هَاهُنَا كَمَا تَرَوْنَ فِي مُدِّ هِشَامٍ، وَدِدْت أَنْ يُهَشِّمَ الزَّمَانُ ذِكْرَهُ، وَيَمْحُوَ مِنْ الْكُتُبِ رَسْمَهُ؛ فَإِنَّ الْمَدِينَةَ الَّتِي نَزَلَ الْوَحْيُ بِهَا، وَاسْتَقَرَّ بِهَا الرَّسُولُ، وَوَقَعَ عِنْدَهُمْ الظِّهَارُ وَقِيلَ لَهُمْ فِيهِ: «فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا» فَهِمُوهُ وَعَرَفُوا الْمُرَادَ بِهِ، وَأَنَّهُ الشِّبَعُ، وَقَدْرُهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ مُتَقَدِّرٌ لَدَيْهِمْ، فَقَدْ كَانُوا يَجُوعُونَ لِحَاجَةٍ وَيَشْبَعُونَ بِسُنَّةٍ لَا بِشَهْوَةٍ [وَمَجَاعَةٍ]، وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الشِّبَعِ فِي الْأَخْبَارِ كَثِيرًا، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَاسْتَمَرَّتْ الْحَالُ عَلَى ذَلِكَ أَيَّامَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، حَتَّى نَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِ هِشَامٍ، فَرَأَى مُدَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُشْبِعُهُ، وَلَا مِثْلَهُ مِنْ حَاشِيهِ وَنُظَرَائِهِ، فَسَوَّلَ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ مُدًّا يَكُونُ فِيهِ شِبَعُهُ، فَجَعَلَهُ رَطْلَيْنِ، وَحَمَلَ
النَّاسَ عَلَيْهِ، فَإِذَا ابْتَلَّ عَادَ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَرْطَالٍ، فَغَيَّرَ السُّنَّةَ، وَأَذْهَبَ مَحَلَّ الْبَرَكَةِ.
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ دَعَا رَبَّهُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالْبَرَكَةِ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ: مِثْلَ مَا بَارَكَ لِإِبْرَاهِيمَ بِمَكَّةَ. فَكَانَتْ الْبَرَكَةُ تَجْرِي بِدَعْوَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مُدِّهِ، فَسَعَى الشَّيْطَانُ فِي تَغْيِيرِ هَذِهِ السُّنَّةِ وَإِذْهَابِ الْبَرَكَةِ، فَلَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ فِي ذَلِكَ إلَّا هِشَامٌ، فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُلْغُوا ذِكْرَهُ، وَيَمْحُوا رَسْمَهُ، وَإِذَا لَمْ يُغَيِّرُوا أَمْرَهُ، وَأَمَّا أَنْ يُحِيلُوا عَلَى ذِكْرِهِ فِي الْأَحْكَامِ، وَيَجْعَلُوهُ تَفْسِيرًا لِمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُفَسِّرًا عِنْدَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ نَزَلَ عَلَيْهِمْ فَخَطْبٌ جَسِيمٌ؛ وَلِذَلِكَ كَانَتْ رِوَايَةُ أَشْهَبَ فِي ذِكْرِ مُدَّيْنِ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَحَبَّ إلَيْنَا مِنْ الرِّوَايَةِ بِأَنَّهَا بِمُدِّ هِشَامٍ.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 4  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست