responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 3  صفحه : 558
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [الأحزاب: 28] وَهُوَ شَرْطٌ جَوَابُهُ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28]، فَعَلَّقَ التَّخْيِيرَ عَلَى شَرْطٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ وَالطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَيْنِ عَلَى شَرْطٍ صَحِيحَانِ، يَنْفُذَانِ وَيَمْضِيَانِ، خِلَافًا لِلْجُهَّالِ الْمُبْتَدِعَةِ، الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الشَّرْعِيَّ هُوَ الْمُنْجَزُ لَا غَيْرَ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: 28]
مَعْنَاهُ إنْ كُنْتُنَّ تَقْصِدْنَ الْحَالَةَ الْقَرِيبَةَ مِنْكُنَّ؛ فَإِنَّ لِلْإِنْسَانِ حَالَتَيْنِ: حَالَةٌ هُوَ فِيهَا تُسَمَّى الدُّنْيَا، وَحَالَةٌ لَا بُدَّ أَنْ يَصِيرَ إلَيْهَا وَهِيَ الْأُخْرَى، وَتَقْصِدْنَ التَّمَتُّعَ بِمَا فِيهَا، وَالتَّزَيُّنَ بِمَحَاسِنِهَا، سَرَحْتُكُنَّ لِطَلَبِ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20].
وَلَا بُدَّ لِلْمَرْءِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى صِفَتَيْنِ: إمَّا أَنْ يَلْتَفِتَ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ الْقَرِيبَةِ، وَيَجْمَعَ لَهَا، وَيَنْظُرَ فِيهَا [وَمِنْهَا]. وَإِمَّا أَنْ يَلْتَفِتَ إلَى حَالَتِهِ الْأُخْرَى، فَإِيَّاهَا يَقْصِدُ، وَلَهَا يَسْعَى وَيَطْلُبُ؛ وَلِذَلِكَ اخْتَارَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ الْحَالَةَ الْأُخْرَى، فَقَالَ لَهُ: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131] يَعْنِي رِزْقَهُ فِي الْآخِرَةِ؛ إذْ الْمَرْءُ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ رِزْقُهُ فِي الدُّنْيَا طَلَبَهُ أَوْ تَرَكَهُ فَإِنَّهُ طَالِبٌ لَهُ طَلَبَ الْأَجَلِ. وَأَمَّا رِزْقُهُ فِي الْآخِرَةِ فَلَا يَأْتِيهِ إلَّا وَيَطْلُبُهُ، فَخَيَّرَ اللَّهُ أَزْوَاجَ نَبِيِّهِ فِي هَذَا لِيَكُونَ لَهُنَّ الْمَنْزِلَةُ الْعُلْيَا، كَمَا كَانَتْ لِزَوْجِهِنَّ.
وَهَذَا مَعْنَى مَا رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: «لَمْ يُخَيِّرْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 3  صفحه : 558
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست