وأما الجر: فعلى أنّه نعت للمؤمنين.
وأجود هذه القراءات: الرفع؛ لأنّ الوصف على (غير) أغلب من الاستثناء.
وقد زعم بعضهم أنّ النصب على معنى الاستثناء أجود؛ لتظاهر الأخبار بأنه نزل لما سأل ابن أم مكتوم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حاله في الجهاد وهو ضرير فنزل (غَيرَ أُولِي الضَّرَرِ).
وهذا ليس بشيء؛ لأنّ (غيراً) وإن كانت صفة فهي تدل على معنى الاستثناء؛ لأنها في كلا الحالين قد خصصت القاعدين عن الجهاد بانتفاء الضرر.
* * *
قوله تعالى: (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)
اختلف في الحنيف:
فقيل معناه: المائل إلى الحق بكليته.
وقيل الحنيف: هو المستقيم، وإنَّما قيل للرجل الأعرج حنيف تفاؤلًا، يقال: حنف في الطريق إذا استقام عليه، فكل من سلك طريق الاستقامة فهو حنيف.
ويُسأل: ما في اتباع ملة إبراهيم من الحسن، دون اتباع ملة موسى وعيسى وغيرهما من النبيين؟ والجواب: أنّ إبراهيم عليه السلام قد رضي به جميع الأمم، وكان يدعو إلى الحنيفية لا اليهودية ولا النصرانية ولا الوثنية، فهو محق في دعائه إليها، وكل من استجاب له بإذن الله فيها نقد جمع من المعنى المرغربة ما ليس لغيره.