وقد غلط القتبي في هذا وزعم أنّ فتحها يكون كفراً، وليس كما ظن، وسواء فتحت أو كسرت إذا كانت معمولة للقول إلا إذا تعلقت بغير القول، ولا خلل في القراءة، ومثل الفتح قول ذي الرمة:
فَمَا هَجَرتكِ النَفسُ يا مَيُّ أنّها ... قلتْكِ وَلكنْ قلَّ منكِ نَصيبُها
ولكنَّهم يا أُملحَ النَّاسِ أُولِعَوا ... بِقول إذا ما جئتُ هَذا حَبِيبُها
وقال القتبي عند ذكر هذه المسألة: إذا قلت هذا قاتلٌ أخي -بالتنوين- دل على أنّه لم يقتل، وإذا قلت هذا قاتلُ أخي -بحذف التنوين- دل على أنّه قتل، وهذا غلط بإجماعٍ من النحويين، لأنّ التنوين قد يحذف وأنت تريد الحال والاستقبال، قال الله تعالى (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ)، يريد: بالغًا الكعبة، وقال: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)، أي: ستذوق.
* * *
قوله تعالى: (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ)
يقال: أجمعت على الأمر، وأجمعت الأمر، أي: عزمت عليه.
واختلف في انتصاب قوله (وَشُرَكَاءَكُمْ):
فقال الفراء: هو نصب بإضمار فعل. كأنّه قال: وادعوا شُرَكَاءَكُمْ، وقال: كذا هو في مصحف أبي وقال غيره: أضمر (واجمعوا شُرَكَاءَكُمْ)؛ لأنَّ (أجمعُوا) يدل عليه.
وروى الأصمعي: أنّه سمع نافعا يقرأ (فَاجْمَعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ)، فهذا يدل على هذا الإضمار، ويُقال: أجمعت الأمر وجمعت الأمر وأجمعت عليه.