رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: «اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر - أو من عذاب النار -، قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت» [1].
فجعل" الخطايا بمنزلة نار جهنم لأنها مستوجبة لها بحسب وعد الشارع، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [2]، فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل تأكيدا في الإطفاء وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيا عن الماء إلى أبرد منه وهو الثلج، ثم إلى أبرد من الثلج وهو البرد بدليل جموده؛ لأن ما هو أبرد فهو أجمد" [3].
الثاني عشر: منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال: ضرب الأمثال:
من منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال ضرب الأمثلة لتوضيح الحقائق وتقريبها، وقد سبق في المبحث السابق - الرعد والبرق والصواعق [4] - أن الله ضرب مثلاً في أول سورة البقرة للإسلام وحال المنافقين، - ذكر فيه المطر -، قال تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} [5]. [1] صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب الدعاء للميت في الصلاة: 2/ 662 برقم (963). [2] الجن: 23. [3] عمدة القاري شرح صحيح البخاري: 5/ 294، وانظر: فتح الباري: 2/ 230. [4] ص: 359. [5] البقرة: 19.