نام کتاب : الحديث في علوم القرآن والحديث نویسنده : حسن أيوب جلد : 1 صفحه : 93
ويطلقون عليها اسم الأصل نفسه، كأنما الترجمة أصل، أو كأنه لا أصل هناك ولا فرع.
وإن كنت في ريب فاسأل الناس عما بين أيدينا من ترجمات عربية لطائفة من كتبهم التي يقدسونها، ويطلقون على بعضها اسم توراة، وعلى بعضها اسم إنجيل، وما هما بالتوراة ولا بالإنجيل، إنما هما ترجمتان عربيتان لأصلين عبريين باعترافهم. ولكنهم أسقطوا حسب العرف العام لفظ ترجمة من العنوانين الاثنين، وما ذاك إلا لما وقر في النفوس من أن الترجمة صورة مطابقة للأصل، مطمئنة إلى أنها تؤدي جميع مؤداه، لا فرق بينهما إلا في القشرة اللفظية.
وقل مثل ذلك فيما نعرفه من ترجمات للقوانين والوثائق الدولية والشخصية ومن ترجمات للكتب العلمية والفنية والأدبية، وهي كثيرة غنية عن التنويه والتمثيل.
يقال كل هذا في الترجمات، ولا يمكن أن يقال مثله في التفسير، فإننا ما سمعنا أن كلمة تفسير أسقطت من عنوان كتاب من كتبه. ويدل على هذا تلك الإطلاقات الشائعة: تفسير البيضاوي، تفسير النسفي، تفسير الجلالين، وما أشبهها من تفسيرات القرآن الكريم.
تنبيهان مفيدان: أولهما: أنه لا فرق بين الترجمة الحرفية والتفسيرية من حيث الحقيقة
، فكلتاهما تعبير عن معنى كلام في لغة بكلام آخر من لغة أخرى مع الوفاء بجميع معاني الأصل ومقاصده، وما الفرق بينهما إلا شكلي وهو أن يحل كل مفرد في الترجمة الحرفية محل مقابله من الأصل، بخلاف التفسيرية كما بينّا، فلا تظن بعد هذا أن كلمة ترجمة تنصرف إلى الحرفية أكثر مما تنصرف إلى التفسيرية كما يظن بعض الناس، بل التفسيرية أثبت قدما وأعرق وجودا وأقرب إلى الأذهان عند الإطلاق، لأنها هي الميسورة، وهي الواضحة، وهي التي يتداولها المترجمون والقراء جميعا، أما الحرفية فإنها تكاد تكون نظرية بحتة، وذلك من تعسّرها أو تعذّرها، ومن غموضها وخفائها أحيانا، ومن ندرة إقبال التراجم والقراء عليها كما سبق.
ثانيهما: أن تفسير الأصل بلغته، يساوي تفسيره بغير لغته
، فيما عدا القشرة اللفظية، ألا ترى أنك إذا قرأت درس تفسير للخاصة كاشفا فيه عن معان معينة باللغة العربية، ثم قرأت هذا الدرس عينه للعامة كاشفا عن هذه المعاني نفسها ولكن بلغة المخاطبين العامية، فهل تشك في مساواة هذا التفسير لذاك في بيان المعاني المعينة التي فهمتها من الأصل؟ وهل تجد بينهما خلافا إلا في لغة التعبير وقشرة اللفظ؟.
إذا لا حطنا ذلك أمنّا الاشتباه من هذه الناحية وأمكن أن نستغني في بحثنا هذا بذكر المساوي عن ذكر مساويه، ثقة بأن ما يقال في أحدهما يقال مثله في الآخر، فتنبه إلى ذلك دائما.
نام کتاب : الحديث في علوم القرآن والحديث نویسنده : حسن أيوب جلد : 1 صفحه : 93