responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحديث في علوم القرآن والحديث نویسنده : حسن أيوب    جلد : 1  صفحه : 62
بالكلام كله، فإذا ترتيب اللفظة من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح، أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى، ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره، والبشر يعمهم الجهل والنسيان والذهول، ومعلوم ضرورة أن أحدا من البشر لا يحيط بذلك، فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة، وبهذا يبطل قول من قال: إن العرب كان في قدرتها الإتيان بمثله فصرفوا عن ذلك، والصحيح أنه لم يكن في قدرة أحد قط ولهذا ترى البليغ ينقح القصيدة أو الخطبة حولا، ثم ينظر فيها فيغير فيها وهلم جرا، وكتاب الله تعالى لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب على لفظة أحسن منها، لم يوجد ونحن يتبين لنا البراعة في أكثره، ويخفى علينا وجهها في مواضع لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ في سلامة الذوق وجودة القريحة.
وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة، كما قامت الحجة في معجزة موسى بالسحرة، وفي معجزة عيسى بالأطباء، فإن الله إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير الذي هو أبدع ما يكون في زمن النبي الذي أراد إظهاره، فكان السحر قد انتهى في مدة موسى إلى غايته، وكذلك الطب في زمن عيسى والفصاحة في زمن محمد صلّى الله عليه وسلم.
وقال حازم في منهاج البلغاء: وجه الإعجاز في القرآن من حيث استمرت الفصاحة والبلاغة فيه من جميع أنحائها في جميعه استمرارا لا يوجد له فترة، ولا يقدر عليه أحد
من البشر، وكلام العرب ومن تكلم بلغتهم لا تستمر الفصاحة والبلاغة في جميع أنحائها في العالي منه إلا في الشيء اليسير المعدود، ثم تعرض الفترات الإنسانية فينقطع طيب الكلام ورونقه، فلا تستمر لذلك الفصاحة في جميعه، بل توجد في تفاريق وأجزاء منه.
وقال الخطابي: إن القرآن إنما صار معجزا؛ لأنه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف، مضمنا أصح المعاني من توحيد الله تعالى، وتنزيهه في صفاته، ودعائه إلى طاعته، وبيان لطريق عبادته، من تحليل وتحريم وحظر وإباحة، ومن وعظ وتقويم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وإرشاد إلى محاسن الأخلاق وزجر عن مساويها، واضعا كل شيء منها موضعه الذي لا يرى شيء أولى منه، ولا يتوهم في صورة العقل أمر أليق به منه، مودعا أخبار القرون الماضية وما نزل منها من مثلات الله بمن مضى وعائدا منهم منبئا عن الكوائن المستقبلة في الأعصار الآتية من الزمان، جامعا في ذلك بين الحجة والمحتج له والدليل والمدلول عليه، ليكون ذلك آكد للزوم ما دعا عليه وأدل على وجوب ما أمر به ونهى عنه، ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الأمور والجمع بين أشتاتها حتى تنتظم

نام کتاب : الحديث في علوم القرآن والحديث نویسنده : حسن أيوب    جلد : 1  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست