نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 8 صفحه : 445
يوسف عليه السلام أحسن إخوته وهي إحدى حالاته الأربع التي ذكرها بعض علماء العربية، فالمعنى أن ثوابهم ومردهم متصف بالزيادة في الخيرية على المتصف بها بقطع النظر عن هؤلاء المفتخرين بدنياهم فلا يلزم مشاركتهم في الخيرية فتأمل. والجملة على ما ذهب إليه أبو السعود على تقديري الاستئناف والعطف فيما قبلها مستأنفة واردة من جهته تعالى لبيان فضل أعمال المهتدين غير داخلة في حيز الكلام الملقن لقوله سبحانه وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً ومشتملة على تسلية قلوب المؤمنين مما عسى أن يختلج فيها من مفاخرة الكفرة شيء كما أن قوله تعالى حَتَّى إِذا رَأَوْا- إلى- جُنْداً تتميم لوعيدهم، وكلاهما من تتمة الأمر بالجواب عن قولهم أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا، وجعل التعبير بخير واردا على طريق المشاكلة. وما ذكره من كون ذلك من تتمة الجواب هو المنساق إلى الذهن إلا أن ظاهر الخطاب يأباه وقد يتكلف له، ولعلنا قد أسلفنا في هذه السورة ما ينفعك في أمره فتذكر.
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا أي بآياتنا التي من جملتها آيات البعث. أخرج البخاري ومسلم والترمذي والطبراني وابن حبان وغيرهم عن خباب بن الأرت قال: كنت رجلا قينا وكان لي على العاصي بن وائل دين فأتيته أتقاضاه فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد صلّى الله عليه وسلّم فقلت: لا والله لا أكفر بمحمد صلّى الله عليه وسلّم حتى تموت ثم تبعث قال: فإني إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثم مال وولد فأعطيك فأنزل الله تعالى أَفَرَأَيْتَ إلخ.
وفي رواية أن خبابا قال له لا والله لا أكفر بمحمد صلّى الله عليه وسلّم حيا ولا ميتا ولا إذا بعثت فقال العاصي: فإذا بعثت جئتني إلخ،
وفي رواية أن رجالا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم أتوه يتقاضون دينا لهم عليه فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا ومن كل الثمرات؟ قالوا: بلى قال: موعدكم الآخرة والله لأوتين مالا وولدا ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به فنزلت
، وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة، وقد كانت له أقوال تشبه ذلك، وقال أبو مسلم: هي عامة في كل من له هذه الصفة، والأول هو الثابت في كتب الصحيح، والهمزة للتعجيب من حال ذلك الكافر والإيذان بأنها من الغرابة والشناعة بحيث يجب أن ترى ويقضي منها العجب، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي أنظرت فرأيت الذي كفر بآياتنا الباهرة التي حقها أن يؤمن بها كل من وقف عليها وَقالَ مستهزأ بها مصدرا كلامه باليمين الفاجرة والله لَأُوتَيَنَّ في الآخرة واردة في الدنيا كما حكاه الطبرسي عن بعضهم تأباه الأخبار الصحيحة إلا أن يحمل الإيتاء على ما قيل على الإيتاء المستمر إلى الآخرة أي لأوتين إيتاء مستمرا مالًا وَوَلَداً والمراد أنظر إليه فتعجب من حالته البديعة وجرأته الشنيعة، وقيل: إن الرؤية مجاز عن الأخبار من إطلاق السبب وإرادة المسبب، والاستفهام مجاز عن الأمر به لأن المقصود من نحو قولك: ما فعلت أخبرني فهو إنشاء تجوز به عن إنشاء آخر والفاء على أصلها.
والمعنى أخبر بقصة هذا الكافر عقيب حديث أولئك الذين قالوا: أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً الآية، وقيل:
عقيب حديث من قال: إِذا ما مِتُّ إلخ، وما قدمنا في معنى الآية هو الأظهر واختاره العلامة أبو السعود.
وتعقب الثاني بقوله: أنت خبير بأن المشهور استعمال أَرَأَيْتَ في معنى أخبرني بطريق الاستفهام جاريا على أصله أو مخرجا إلى ما يناسبه من المعاني لا بطريق الأمر بالأخبار لغيره وإرادة أخبرني بطريق الاستفهام جاريا على أصله أو مخرجا إلى ما يناسبه من المعاني لا بطريق الأمر بالأخبار لغيره وإرادة أخبرني هنا مما لا يكاد يصح كما لا يخفى.
وقيل: المراد لأوتين في الدنيا ويأباه سبب النزول، قال العلامة: إلا أن يحمل على الإيتاء المستمر إلى الآخرة فحينئذ ينطبق على ذلك. وقرأ حمزة والكسائي والأعمش وطلحة وابن أبي ليلى وابن عيسى الأصبهاني «ولدا» بضم الواو وسكون اللام فقيل: هو جمع ولد كأسد وأسد وأنشدوا له قوله:
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 8 صفحه : 445