responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 8  صفحه : 431
محصل له. وحكى النقاش عن قوم أن الآية متصلة بقول جبريل عليه السّلام أولا إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا
[مريم: 19] وهو قول نازل عن درجة القبول جدا، والتنزل النزول على مهل لأنه مطاوع نزل يقال نزلته فتنزل، وقد يطلق بمعنى النزول مطلقا كما يطلق نزل بمعنى أنزل، وعلى ذلك قوله:
فلست لإنسيّ ولكن لملأك ... تنزل من جو السماء يصوب
إذ لا أثر للتدرج في مقصود الشاعر، والمعنى ما نتنزل وقتا غب وقت إلا بأمر الله تعالى على ما تقتضيه حكمته سبحانه، وقرأ الأعرج «وما يتنزل» بالياء والضمير للوحي بقرينة الحال، وسبب النزول والكلام لجبريل عليه السّلام، وقيل: إن الضمير له عليه السّلام والكلام له عز وجل. خبر سبحانه أنه لا يتنزل جبريل إلا بأمره تعالى قائلا لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا ما قدامنا من الزمان المستقبل وَما خَلْفَنا من الزمان الماضي وَما بَيْنَ ذلِكَ المذكور من الزمان الحال فلا ننزل في زمان دون زمان إلا بأمره سبحانه ومشيئته عز وجل، وقال ابن جريج: ما بين الأيدي هو ما مر من الزمان قبل الإيجاد وما خلف هو ما بعد موتهم إلى استمرار الآخرة وما بين ذلك هو مدة الحياة، وقال أبو العالية: ما بين الأيدي الدنيا بأسرها إلى النفخة الأولى وما خلف ذلك الآخرة من وقت البعث وما بين ذلك ما بين النفختين وهو أربعون سنة، وفي كتاب التحرير والتحبير ما بين الأيدي الآخرة وما خلف الدنيا، ورواه العوفي عن ابن عباس وبه قال ابن جبير وقتادة ومقاتل وسفيان، وقال الأخفش: ما بين الأيدي هو ما قبل الخلق وما خلف هو ما بعد الفناء وما بين ذلك ما بين الدنيا والآخرة فالمئات على هذه الأقوال من الزمان.
وقال صاحب الفنيان: ما بين أيدينا السماء وما خلفنا الأرض وما بين ذلك ما بين الأرض والسماء، وقيل: ما بين الأيدي الأرض وما خلف السماء وقيل: ما بين الأيدي المكان الذي ينتقلون إليه وما خلف المكان الذي ينتقلون منه وما بين ذلك المكان الذي هم فيه فالمئات من الأمكنة، واختار بعضهم تفسيرها بما يعم الزمان والمكان، والمراد أنه تعالى المالك لكل ذلك فلا ننتقل من مكان إلى مكان ولا ننزل في زمان دون زمان إلا بإذنه عز وجل.
وقال البغوي: المراد له علم ما بين أيدينا إلخ أي فلا نقدم على ما لم يكن موافق حكمته سبحانه وتعالى.
واختار بعضهم التعميم أي له سبحانه ذلك ملكا وعلما وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا أي تاركا أنبياءه عليهم السّلام ويدخل صلّى الله عليه وسلّم في ذلك دخولا أوليا أي ما كان عدم النزول إلا لعدم الأمر به ولم يكن عن ترك الله تعالى لك وتوديعه إياك كما زعمت الكفرة وإنما كان لحكمة بالغة، وقيل: النسيان على ظاهره يعني أنه سبحانه لإحاطة علمه وملكه لا يطرأ عليه الغفلة والنسيان حتى يغفل عنك وعن الإيحاء إليك وإنما كان تأخير الإيحاء لحكمة علمها جل شأنه، واختير الأول لأن هذا المعنى لا يجوز عليه سبحانه فلا حاجة إلى نفيه عنه عز وجل مع أن الأول هو الأوفق لسبب النزول.
ورجح الثاني بأنه أوفق بصيغة المبالغة فإنها باعتبار كثرة من فرض التعلق به وهي أتم على الثاني مع ما في ذلك من إبقاء اللفظ على حقيقته، وكثيرا ما جاء في القرآن نفي ما لا يجوز عليه سبحانه وتعالى وفيه نظر، نعم لا شبهة في أن المتبادر الثاني وأمر الأوفقية لسبب النزول سهل، وفي إعادة اسم الرب المعرب عن التبليغ إلى الكمال اللائق مضافا إلى ضميره عليه الصلاة والسّلام من تشريفه صلّى الله عليه وسلّم والإشعار بعلة الحكم ما لا يخفى، وقال أبو مسلم وابن بحر: أول الآية إلى وَما بَيْنَ ذلِكَ من كلام المتقين حين يدخلون الجنة والتنزل فيه من النزول في المكان، والمعنى وما نحل الجنة ونتخذها منازل إلا بأمر ربك تعالى ولطفه وهو سبحانه مالك الأمور كلها سالفها ومترقبها وحاضرها فما وجدنا وما نجده من لطفه وفضله، وقوله سبحانه وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا تقرير من جهته تعالى لقولهم أي وما كان سبحانه تاركا لثواب العالمين أو ما كان ناسيا لأعمالهم والثواب عليها حسبما وعد جل وعلا، وفيه أن حمل التنزل على ما ذكر

نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 8  صفحه : 431
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست