responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 8  صفحه : 429
إياهم بسبب تصديق الغيب والإيمان به، وقيل: هي صلة «عباده» على معنى الذين يعبدونه سبحانه بالغيب أي في السر وهو كما ترى إِنَّهُ أي الرحمن، وجوز كون الضمير للشان كانَ وَعْدُهُ أي موعوده سبحانه وهو الجنات كما روي عن ابن جريج أو موعوده كائنا ما كان فيدخل فيه ما ذكر دخولا أوليا كما قيل، وجوز إبقاء الوعد على مصدريته وإطلاقه على ما ذكر للمبالغة.
والتعبير بكان للإيذان بتحقق الوقوع أي كان ذلك مَأْتِيًّا أي يأتيه من وعد له لا محالة، وقيل: مَأْتِيًّا مفعول بمعنى فاعل أي آتيا، وقيل: هو مفعول من أتى إليه إحسانا أي فعل به ما يعد إحسانا وجميلا والوعد على ظاهره.
ومعنى كونه مفعولا كونه منجزا لأن فعل الوعد بعد صدوره وإيجاده إنما هو تنجيزه أي إنه كان وعده عباده منجزا لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً فضول كلام لا طائل تحته بل هو جار مجرى اللغاء وهو صوت العصافير ونحوها من الطير.
والكلام كناية عن عدم صدور اللغو عن أهلها، وفيه تنبيه على أن اللغو مما ينبغي أن يجتنب عنه في هذه الدار ما أمكن، وعن مجاهد تفسير اللغو بالكلام المشتمل على السب، والمراد لا يتسابون والتعميم أولى إِلَّا سَلاماً استثناء منقطع، والسّلام إما بمعناه المعروف أي لكن يسمعون تسليم الملائكة عليهم السّلام عليهم أو تسليم بعضهم على بعض أو بمعنى الكلام السالم من العيب والنقص أي لكن يسمعون كلاما سالما من العيب والنقص، وجوز أن يكون متصلا وهو من تأكيد المدح بما يشبه الذم كما في قوله:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب
وهو يفيد نفي سماع اللغو بالطريق البرهاني الأقوى. والاتصال على هذا على طريق الفرض والتقدير ولولا ذلك لم يقع موقعه من الحسن والمبالغة، وقيل: اتصال الاستثناء على أن معنى السّلام الدعاء بالسلامة من الآفات وحيث إن أهل الجنة أغنياء عن ذلك إذ لا آفة فيها كان السّلام لغوا بحسب الظاهر وإن لم يكن كذلك نظرا للمقصود منه وهو الإكرام وإظهار التحابب، ولذا كان لائقا بأهل الجنة.
وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا وارد على عادة المتنعمين في هذه الدار، أخرج ابن المنذر عن يحيى بن كثير قال: كانت العرب في زمانها إنما لها أكلة واحدة فمن أصاب أكلتين سمي فلان الناعم فأنزل الله تعالى هذا يرغب عباده فيما عنده، وروي نحو ذلك عن الحسن، وقيل: المراد دوام رزقهم ودروره وإلا فليس في الجنة بكرة ولا عشي لكن جاء في بعض الآثار أن أهل الجنة يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب،
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق أبان عن الحسن. وأبي قلابة قالا: «جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله هل في الجنة من ليل؟ قال: وما هيجك على هذا؟ قال: سمعت الله تعالى يذكر في الكتاب وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا فقلت: الليل من البكرة والعشي فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ليس هناك ليل وإنما هو ضوء ونور يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو وتأتيهم طرف الهدايا من الله تعالى لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا وتسلم عليهم الملائكة عليهم السّلام» .
تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا استئناف جيء به لتعظيم شأن الجنة وتعيين أهلها فاسم الإشارة مبتدأ والْجَنَّةُ خبر له والموصول صفة [1] لها والجملة بعده صلته والعائد محذوف أي نورثها، وبذلك قرأ الأعمش وقرأ الحسن والأعرج وقتادة ورويس وحميد وابن أبي عبلة وأبو حيوة ومحبوب عن أبي عمرو «نورّث» بفتح

[1] وقال الرضي: الوصف شرط إذا كان البدل بدل كل اه منه.
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 8  صفحه : 429
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست