نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 8 صفحه : 229
وتقدير تمييز العدد أشخاص أولى من تقديره رجال لأنه لا تصير الثلاثة الرجال أربعة بكلبهم لاختلاف الجنسين، وعدم اشتراط اتحاد الجنس في مثل ذلك يأباه الاستعمال الشائع مع كونه خلاف ما ذكره النحاة. والقول بأن الكلب بشرف صحبتهم ألحق بالعقلاء تخيل شعري. وقرأ ابن محيصن «ثلاثة» بإدغام الثاء في التاء تقول أبعث تلك وحسن ذلك لقرب مخرجهما وكونهما مهموسين وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ عطف على سَيَقُولُونَ والمضارع وإن كان مشتركا بين الحال والاستقبال إلا أن المراد منه هنا الثاني بقرينة ما قبله فلذا اكتفي عن السين فيه وإذا عطفته على مدخول السين دخل معه في حكمها واختص بالاستقبال بواسطتها لكن قيل إن العطف على ذلك تكلف. وقرأ شبل بن عباد عن ابن كثير «خمسة» بفتح الميم وهو كالسكون لغة فيها نظير الفتح والسكون في العشرة. وقرأ ابن محيصن بكسر الخاء والميم وبإدغام التاء في السين وعنه أيضا إدغام التنوين في السين بغير غنة رَجْماً بِالْغَيْبِ أي رميا بالخبر الغائب الخفي عنهم الذي لا مطلع لهم عليه وإتيانا به أو ظنا بذلك، وعلى الأول استعير الرجم وهو الرمي بالحجارة التي لا تصيب غرضا ومرمى للمتكلم من غير علم وملاحظة بعد تشبيهه به. وفي الكشف أنه جعل الكلام الغائب عنهم علمه بمنزلة الرجام المرمي به لا يقصد به مخاطب معين ولو قصد لأخطأ لعدم بنائه على اليقين كما أن الرجام قلما يصيب المرجوم على السداد بخلاف السهم ونحوه ولهذا قالوا: قذفا بالغيب ورجما به ولم يقولوا رميا به، وأما الرمي في السب ونحوه فالنظر إلى تأثيره في عرض المرمي تأثير السهم في الرمية انتهى.
وعلى الثاني شبه ذكر أمر من غير علم يقيني واطمئنان قلب بقذف الحجر الذي لا فائدة في قذفه ولا يصيب مرماه ثم استعير له وضع الرجم موضع الظن حتى صار حقيقة عرفية فيه. وفي الكشف أيضا أنه لما كثر استعمال قولهم: رجما بالظن فهموا من المصدر معناه دون النظر إلى المتعلق فقالوا رجما بالغيب أي ظنا به وعلى ذلك جاء قول زهير:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم ... وما هو عنها بالحديث المرجم
حيث أراد المظنون، وانتصاب رَجْماً هنا على الوجهين إما على الحالية من الضمير في الفعلين أي راجمين أو على المصدرية منهما فإن الرجم والقول واحد.
وفي البحر أنه ضمن القول معنى الرجم أو من محذوف مستأنف أو واقع موقع الحال من ضمير الفعلين معا أي يرجمون رجما، وجوز أبو حيان كونه منصوبا على أنه مفعول من أجله أي يقولون ذلك لرميهم بالغيب أو لظنهم بذلك أي الحامل لهم على القول هو الرجم بالغيب وهو كما ترى.
وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ المراد الاستقبال أيضا، والكلام في عطفه كالكلام في عطف سابقه، والجملة الواقعة بعد العدد في موضع الصفة له كالجملتين السابقتين على ما نص عليه الزمخشري، ولم يجعل الواو مانعة عن ذلك بل ذكر أنها الواو التي تدخل على الجملة الواقعة صفة للنكرة كما تدخل على الواقعة حالا عن المعرفة في قولك: جاءني رجل ومعه آخر ومررت بزيد وفي يده سيف ومنه قوله عز وجل وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ [الحجر: 4] وفائدتها توكيد لصوق الصفة بالموصوف والدلالة على أن اتصافه بها أمر ثابت مستقر وهي التي أذنت هنا بأن قائلي ما ذكر قالوه عن ثبات علم وطمأنينة نفس ولم يرجموا بالظن كما رجم غيرهم فهو الحق دون القولين الأولين، والدليل على ذلك أنه سبحانه وتعالى أتبعهما قوله تبارك اسمه رَجْماً بِالْغَيْبِ واتبع هذا قوله عز وجل قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ أي أقوى وأقدم في العلم بها ما يَعْلَمُهُمْ أي ما يعلم عدتهم على ما ينساق إلى الذهن نظرا إلى المقام إِلَّا قَلِيلٌ وعلى إيذان الواو بما ذكر يدل كلام ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقد روي
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين جلد : 8 صفحه : 229