responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 8  صفحه : 221
الفلاح أبدا، ولا حاجة إلى القول بأن إظهار الكفر مطلقا كان غير جائز عندهم، ولا إلى حمل يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ على يميلوكم إليها بالإكراه وغيره فتدبر، ثم إن الفتية بعثوا أحدهما وكان على ما قال غير واحد يمليخا فكان ما أشار الله تعالى إليه بقوله سبحانه وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ أي كما أنمناهم وبعثناهم فالإشارة إلى الإنامة والبعث والإفراد باعتبار ما ذكر ونحوه.
وقال العز بن عبد السلام في أماليه: الإشارة إلى البعث المخصوص وهو البعث بعد تلك الإنامة الطويلة، وأصل العثور كما قال الراغب السقوط للوجه يقال عثر عثورا وعثارا إذا سقط لوجهه، وعلى ذلك قولهم في المثل الجواد لا يكاد يعثر، وقولهم من سلك الجدد أمن العثار ثم تجوز به في الاطلاع على أمر من غير طلبه.
وقال الإمام المطرزي: لما كان كل عاثر ينظر إلى موضع عثرته ورد العثور بمعنى الاطلاع والعرفان فهو في ذلك مجاز مشهور بعلاقة السببية وإن أوهم ذكر اللغويين له أنه حقيقة في ذلك، وجعله الغوري حقيقة في الاطلاع على أمر كان خفيا وأمر التجوز على حاله، ومفعول أَعْثَرْنا الأول محذوف لقصد العموم أي وكذلك أطلعنا الناس عليهم.
وقال أبو حيان: أهل مدينتهم لِيَعْلَمُوا أي الذين أطلعناهم عليهم بما عاينوا من أحوالهم العجيبة أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ أي وعده سبحانه وتعالى بالبعث على أن الوعد بمعناه المصدري ومتعلقه مقدر أو موعوده تعالى شأنه الذي هو البعث على أن المصدر مؤول باسم المفعول المراد موعوده المعهود، ويجوز أن يراد كل وعده تعالى أو كل موعوده سبحانه ويدخل في ذلك ما ذكر دخولا أوليا حَقٌّ صادق لا خلف فيه أو ثابت متقحق سيقع ولا بد قيل لأن نومهم الطويل المخالف للمعتاد وانتباههم كالموت والبعث.
وَأَنَّ السَّاعَةَ أي القيامة التي هي في لسان الشرع عبارة عن وقت بعث الخلائق جميعا للحساب والجزاء.
لا رَيْبَ فِيها أي ينبغي أن لا يرتاب الآن في إمكان وقوعها لأنه لا يبقى بيد المرتابين في ذلك بعد النظر والبحث سوى الاستناد إلى الاستبعاد وعلمهم بوقوع ذلك الأمر الغريب والحال العجيب الذي لو سمعوه ولم يتحققوا وقوعه لاستبعدوه وارتابوا فيه ارتيابهم في ذلك يكسر شوكة ذلك الاستبعاد ويهدم ذلك الاستناد فينبغي حينئذ أن لا يرتابوا.
وقال بعض المحققين في توجيه ترتب العلم بما ذكر على الاطلاع: إن من شاهد أنه جل وعلا توفي نفوسهم وأمسكها ثلاثمائة سنة وأكثر حافظا أبدانها من التحلل والتفتت ثم أرسلها إليها لا يبقى معه شائبة شك في أن وعده تعالى حق وأنه تعالى يبعث من في القبور فيرد عليهم أرواحهم فيحاسبهم ويجازيهم بحسب أعمالهم اه.
وأنت تعلم أن في استفادة العلم بالمحاسبة والمجازاة من الإطلاع على حال القوم نظرا. واعترض بأن المطلوب في البعث إعادة الأبدان بعد تفرق أجزائها وما في القصة طول حفظ الأبدان وأين هذا من ذلك؟ والقول بأنه متى صح طول حفظ الأبدان المحتاجة إلى الطعام والشراب صح قدرته سبحانه على إعادتها بعد تفرق أجزائها بطريق الأولى غير مسلم. وأجيب بأن طول الحفظ المذكور يدل على قدرته تعالى على ما ذكر بطريق الحدس فليتدبر.
ولعل الأظهر توجيه الترتب بما ذكره أولا، وتوضيحه أن حال الفتية حيث ناموا في تلك المدة المديدة والسنين العديدة وحبست عن التصرف نفوسهم وتعطلت مشاعرهم وحواسهم من غير تصاعد أبخرة شراب وطعام أو نزول علل وأسقام وحفظت أبدانهم عن التحلل والتفتت وأبقيت على ما كانت عليه من الطراوة والشباب في سالف الأعوام حتى رجعت الحواس والمشاعر إلى حالها وأطلقت النفوس من عقالها وأرسلت إلى تدبير أبدانها والتصرف في خدامها

نام کتاب : تفسير الألوسي = روح المعاني نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 8  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست